إبحث في المدونة

الأحد، 13 يناير 2019

عذاب المسلمين ع أيدي قريش

Torture of Muslims


أخذت قريش تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتؤذي من آمن به حتى عذبوا جماعة من المستضعفين عذاباً شديداً يدل على مبلغ تعصبهم وقسوتهم.

فمن الذين عُذِّبوا جل اسلامهم بلال بن رباح الحبشي مولى أبي بكر. وكان أبوه من سبي الحبشة وأمه حمامة سبية أيضاً وهو من مولدي الشراة وكنيتة أبو عبد الله فصار بلال لأمية بن خلف الجمحي فكان إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه في الرمضاء على وجهه وظهره ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتلقى على صدره ويقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فكان بلال وهو في هذه الحال يقول: " أحد، أحد " فرآه أبو بكر يعذب، فقال لأمية بن خلف الجمحي ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ فقال: أنت أفسدته فأنقذه. فقال: عندي غلام على دينك أسود أجلد من هذا أعطيكه به قال: قبلت، فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالاً فأعتقه. وقيل: اشتراه أبو بكر بخمس أوراقٍ. أما أمية بن خلف فقتله بلال، واشترك معه معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وحبيب بن أساف.
قال ابن اسحاق: أما ابنه عليّ فقتله عمار ابن ياسر وحبيب بن أساف وذلك في موقعة بدر.
 
ومن المعذّبين عمار بن ياسر وأبو اليقظان العنسيّ وهو بطن بن مراد. وعمار هذا أسلم هو وأبوه وأمه وأسلم قديماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم بن أبي الأرقم بعد بضعة وثلاثين رجلاً. أسلم هو وصهيب في يوم واحد. وكان ياسر حليفاً لبني مخزوم فكانوا يخرجون عماراً وأباه وأمه إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء يعذبونهم في بحرّ الرمضاء فمرّ بهم النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنّة " فمات ياسر في العذاب وأغلظت امرأته سميّة القول لأبي جهل فطعنها في فرجها بحربة فماتت!! وهي أول شهيدة في الإسلام وشددوا العذاب على عمار في الحرّ على صدره تارة وبوضع الصخر في شدة الحرّ على صدره تارة أخرى. فقالوا: لا نتركك حتى تسب محمداً وتقول في اللات والعزى خيراً. ففعل فتركوه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يبكي فقال: " ما وراءك "؟ فقال: شر يا رسول الله كان الأمر كذا وكذا فقال: " فكيف تجد قلبك "؟ قال: أجده مطمئنّاً بالإيمان فقال: " يا عمّار إن عادوا فعد. فأنزل الله تعالى: ¤ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ¤.

ومنهم خبَّاب بن الأرث وكان إسلامه قديما، قيل سادس ستة قبل دخول رسول الله دار الأرقم فأخذه الكفّار وعذّبوه عذاباً شديداً فكانوا يعرّونه ويلصقون ظهره بالرمضاء، ثم بالرضف وهي الحجارة المحماة بالنار ولووا رأسه فلم يجبهم إلى شيء مما أرادوا وهاجر وشهد المشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونزل الكوفة ومات سنة سبع وثلاثين. وقال علي رضي الله عنه: رحمه الله ان خبّاباً أسلم راغبا وهاجر طائعاً وعاش مجاهداً وابتغى في جسمه ولن يضيع الله أجر من أحسن عملاً.

ومنهم صهيب بن سنان الرومي كنَّاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أبا يحيى " قبل أن يولد له. وكان ممن يعذب في الله فعذب عذابا شديدا فلما أراد الهجرة منعته قريش فافتدى نفسه منهم بماله أجمع وجعله عمر بن الخطاب عند موته يصلي بالناس إلى أن يستخلف بعض أهل الشورى.

ومنهم عامر بن فهيرة مولى الطفيل بن عبد الله. وكان الطفيل أخا عائشة لأمها أم رومان أسلم قديما قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكان من المستضعفين يعذّب في الله فلم يرجع عن دينه واشتراه أبو بكر وأعتقه. ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار مهاجرين أمر أبو بكر مولاه عامر بن فهيرة أن يروح بغنم أبي بكر عليهما وكان يرعاها وهاجر معهما إلى المدينة يخدمهما. وشهد عامر بدراً وأُحُداً وقتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة وهو ابن أربعين سنة.

ومنهم لبيبة جارية بني مؤمل بن حبيب بن كعب أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يعذّبها حتى تفتن ثم يدعها ويقول إني لم أدعك إلا سآمة فتقول كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم فاشتراها أبو بكر فأعتقها.

هذه أمثلة ذكرها مؤلف كتاب رسول الله ليتّضح للقاريء اشتداد العذاب على هؤلاء المساكين رجالاً ونساء.
ومما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الإيذاء ما قاله ابن عمر كما في البخاري: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله فلفَّ ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً فجاء أبو بكر فأخذ بمنكبه فدفعه ه
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية ثم قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله!

وفي رواية البخاري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه. فانبعث أشقاهم فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه وثيت النبي صلى الله عليه وسلم لله ساجداً فضحكوا حتى مال بعضهم على بعض من الضحك فانطلق منطلق إلى فاطمة فأقبلت تسعى وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً حتى ألقتهم عليهم تسبهم. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم عليك بقريش ". ثم سمى فقال: " اللهم عليك بعمرو بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة والوليد بن عتبة بن خلف وعقبة بن أبي معيط وعمارة بن الوليد " وقد سقطوا جميعهم صرعى يوم بدر وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

0 comments:

إرسال تعليق