إبحث في المدونة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات صلى الله عليه وسلم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صلى الله عليه وسلم. إظهار كافة الرسائل

السبت، 16 فبراير 2019

مدينة يثرب

City Yathrib
مدينة يثرب

سميت يثرب بعد الإسلام مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عبارة عن جملة قرى تقع في سهل خصب وبينها وبين مكة 200 ميل وهي في شمالها. جاء في معجم البلدان لياقوت [ إن لهذه المدينة تسعة وعشرين إسماً ] ثم سردها. وكذا أحصى المجد الشيرازي اللغوي نحو ثلاثين إسماً وذكر السمهودي في كتاب ( وفاء الوفا ) أربعة وتسعين إسماً وقال: إن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ونقل ابن زبالة أن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: بلغني أن للمدينة في التوراة أربعين إسماً.

فمن أسمائها أثرب كمسجد ويثرب، قال تعالى: ¤ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ¤ والبلد. قال تعالى: ¤ لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ¤ ودار الهجرة والسنة وطيبة وطابة وقرية الأنصار ومدينة الرسول ومضجع الرسول وأكالة البلدان والمباركة والمسكينة والعذراء والباردة والفاضحة.

أما قدرها فهي في مقدار نصف مكة وهي في حرة سبخة ولها نخيل كثير ومياه، ونخيلهم وزروعهم تسقى من الآبار عليها العبيد وللمدينة سور وللمسجد في نحو وسطها وقبر النبي صلى الله عليه وسلم في شرق المسجد وهو بيت مرتفع وليس بينه وبين سقف المسجد إلا فرجة وهو مسدود لا باب له وفيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر والمنبر الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غُشي بمنبر آخر والروضة أمام المنبر بينه وبين القبر ومصلاه صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه الأعياد في غربي المدينة داخل الباب.

و ( بقيع الغردق ) خارج المدينة من شرقيها وهو مدفن أكثر أمواتها و ( قُبا ) خارج المدينة على نحو ميلين إلى ما يلي القبلة وهي شبيهة بالقرية و ( أُحد ) جبل في شمال المدينة وهو أقرب الجبال إليها مقدار فرسخين وبقربها مزارع ونخيل وضياع لأهل المدينة  ( وادي العقيق ) فيما بينها وبين الفرع ( الفُرع ) من المدينة على أربعة أيام جنوبها وبها مسجد جامع غير أن أكثر هذه الضياع خراب وكذلك حوالي المدينة ضياع كثيرة أكثرها خراب. وأعذب مياه تلك الناحية آبار العقيق.

وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة المدينة بريداً في بريد من كل ناحية ورخص في الهش وفي متاع الناضح ونهى عن الخبط ( ضرب الشجر بالعصى ليتناثر ورقها ) وأن يعضد ويهصر. ولم تكن المدينة بلداً خصباً مثمراً، إنما كان بها بعض النخيل والماشية ومن خصائص المدينة أنها طيبة الريح وللعطر فيها فضل رائحة لا توجد في غيرها ونمرها الصيهاني لا يوجد في بلد من البلدان مثله ولهم حب اللبان ومنها يحمل إلى سائر البلدان. وجبلها أحد قد فضله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أحد جبل يحبنا ونحبه وهو على باب من أبواب الجنة " حجارة أحد من الجرانيت.

المسافات من المدينة إلى مكة نحو عشر مراحل ومن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة وطريق البصرة إلى المدينة نحو من ثماني عشرة مرحلة ويلتقي مع طريق الكوفة بقرب معدن النقرة ومن الرقة إلى المدينة نحو من عشرين مرحلة. ومن البحرين إلى المدينة عن طريق الساحل.

ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد أهلها من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله تعالى: ¤ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ¤ فأحسنوا الكيل بعد ذلك.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأربعاء، 13 فبراير 2019

العداوة بين الأوس والخزرج

enmity between Ous Khazraj

العداوة بين الأوس والخزرج

كانت أول فتنة وقعت بين الأوس والخزرج << حرب سمير >> وذلك أن رجلاً حليفاً يقال له كعب فاخر الأوس بشيء فغضب منهم رجل يقال له سمير وشتمه ثم رصده حتى خلا به فقتله. فغضب مالك بن عجلان وطلب الرجل عشيرته فأنكروا معرفته وعرضوا عليه الدية فقبلها فأرسلوا إليه نصف دية لأن الرجل حليف لا نسيب فأبى إلا دية كاملة فامتنعوا ولج الأمر حتى أفضى إلى المحاربة فاقتتلوا مرتين كانت النصرة في الثانية منهما للأوس، فلما افترقوا أرسلت الأوس إلى مالك أن حكم بيننا المنذر بن حرام النجاري الخزرجي وهو جد حسان بن ثابت فأجابهم إلى ذلك فحكم بأن يؤدي الأوس إلى مالك دية الصريح ثم يعودون إلى سنتهم القديمة فرضوا بذلك وافترقوا وقد شبت البغضاء في قلوبهم وتكنت العداوة بين القبيلتين.

ثم إن كعب بن عمرو المازني الخزرجي تزوج امرأة من بني سالم فأمر أحيحة بن جلاح رئيس بني جحجبا من الأوس جماعة أن يرصدوه ويقتلوه ففعلوا فدعا أخوه عاصم قبيلته للنصرة فاستعدوا والتقوا هم والأوس واقتتلوا قتالاً شديداً فانهزمت بنو جحجبا وانهزم أحيحة فركض وراءه عاصم فأدركه وقد دخل الحصن وأغلقه فرماه بسهم فلم يصبه فقتل أخاً له فعزم أحيحة أن يكبس بني النجار وكان متزوجاً بامرأة منهم فلم يرضها ذلك وخافت على قومها فسارت إليهم ليلاً وقد نام أحيحة بعد سهر طويل وأنذرتهم فلما هم أحيحة إذا هم على سلاحهم فلم يقدر عليهم فضرب امرأته حتى كسر يدها لما بلغه ما فعلت وطلقها.

ثم كانت حرب بين بني وائل بن زيد من الأوس وبني مازن بن النجار من الخزرج. وذلك أن الحصين بن الأسلت الأوسي نازع رجلاً من بني مازن وقتله فتبعه قوم من بني مازن فقتلوه فبلغ ذلك أخاه أبا قيس بن الأسلت فجمع قومه وانذمت الأوس والخزرج كلها فاقتتلوا قتالاً شديداً فانهزمت الأوس.

ثم كانت حرب بين بني ظفر من الأوس وبني مالك بن النجار من الخزرج، وذلك أن رجلاً من ظفر كان يمر إلى أرضه في أرض رجل من بني النجار فمنعه فلم يمتنع فنازعه فقتله الظفري فاجتمع قومهما واقتتلا فانهزم بنو مالك بن النجار.

ثم إن رجلاً من بني النجار أصاب غلاماً من قضاعة وقتله وكان عم الغلام جاراً لمعاذ بن النعمان الأوسي فطلب معاذ ديته من بني النجار فامتنعوا فلقيهم بقومه عند فارع أطم حسان بن ثابت ولم يزل القتال بينهم حتى حمل الدية إليه عامر بن الإطنابة فاصطلحوا حالاً.

ثم كانت الوقعة المعروفة بحاطب وهو وهو حاطب بن قيس من بني أمية بن زيد بن مالك بن عوف الأوسي وبينها وبين حرب سمير نحو مائة سنة وكان سبب هذه الحروب أن حاطباً كان رجلاً شريفاً سيداً فأتاه رجل من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان فنزل عليه ثم إنه غدا يوماً إلى سوق قينقاع فرآه يزيد بن الحارث المعروف بابن فسحم وهي أمه وهو من بني الحارث بن الخزرج فقال يزيد لرجل يهودي: لك ردائي إن كسعت هذا الثعلبي فأخذ رداءه وكسعه كسعة سمعها من بالسوق فنادى الثعلبي يا لحاطب كسع ضيفك وفضح. وأخبر حاطب بذلك فجاء إليه فسأله من كسعه فأشار إلى اليهودي فضربه حاطب بالسيف ففلق هامته فأخبر ابن فسحم الخبر وقيل له: قتل اليهودي قتله حاطب، فأسرع خلف حاطب فأدركه وقد دخل بيوت أهله فلقي رجلاً من بني معاوية فقتله ( ولا ندري السبب الذي دعا ابن فسحم أن يحرض ذلك اليهودي على ضرب الثعلبي في دبره ) فثارت الحرب بين الأوس والخزرج وكان الظفر فيها للخزرج وهذا اليوم من أشهر أيامهم، وكان بعده عدة وقائع كلها من حرب حاطب فمنها: يوم الربيع، ويوم البقيع، والفجار، الأول والثاني، ويوم بعاث وهو آخر الأيام بينهم.

وفي يوم الفجار الثاني حافت قريظة والنضير الأوس على الخزرج وجرى بينهم قتال سمي ذلك اليوم يوم الفجار الثاني، وسبب حرب يوم بعاث هو أن قريظة والنضير جددا العهود مع الأوس على المؤازرة والتناصر واستحكم أمرهم وجدوا في حربهم ودخل معهم قبائل من اليهود غير من ذكرنا فلما سمعت بذلك الخزرج جمعت وحشدت وأرسلت حلفاءها من أشجع وجهينة وأرسلت الأوس حافاءها من مزينة ومكثوا أربعين يوماً يتجهزون للحرب والتقوا ( ببعاث ) وهي من أعمال قريظة. وعلى الأوس حضير الكتائب والد أسيد بن حضير وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي وتخلف عبد الله بن أبي ابن سلول فيمن تبعه عن الخزرج. وتخلف بنو حارثة بن الحارث عن الأوس. فلما التقوا اقتتلوا قتالاً شديدا وصبروا جميعاً، ثم إن الأوس وجدت من السلاح، فولوا منهزمين نحو العريض فلما رأى حضير هزيمتهم برك وطعن قدمه بسنان رمحه وصار واعقراه كعقر الجمل والله لا أعود حتى أقتل فإن شئتم يا معشر الأوس أن تسلموني فافعلوا، فعطفوا عليه وقاتل عنه غلامان من بني الأشهل يقال لهما: محمود ويزيد ابنا خليفة حتى قتلا وأقبل سهم لا يدري من رمى به فأصاب عمرو بن النعمان البياضي رئيس الخزرج فقتله فبينا عبد الله بن أبي ابن سلول يتردد راكباً قريباً من بعاث يتجسس الأخبار إذ طلع عليه بعمرو بن النعمان قتيلاً في عباءة يحمله أربعة رجال كما كان قال له. فلما رآه قال: ذق وبال البغي. وانهزمت الخزرج ووضعت فيهم الأوس السلاح فصاح صائح: يا معشر الأوس أحسنوا ولا تتلهوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب فانتهوا هنهم ولم يسلبوهم وإنما سلبهم قريظة والنضير وحملت الأوس حضيراً مجروحاً فمات وأحرقت الأوس دور الخزرج ونخيلهم فأجار سعد بن معاذ الأشهلي أموال بني سلمة ونخيلهم ودورهم جزاء بما فعلوا له في الرعل، ونجى يومئذٍ الزبير بن إياس بن باطا ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي أخذه فجز ناصيته وأطلقه، وهي اليد التي جازاه بها ثابت في الإسلام يوم بني قريظة.

الخلاصة

تبين لنا من تاريخ الخزرج والأوس أنهما ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو ومزيقياء الذي خرج من اليمن بعد تفرق أهل سبأ بسيل العرم وأن هذا السيل ليس خرافة بل حدث مراراً وخرب السد فغرقت البلاد.

وقد لبثت الخزرج والأوس حيناً من الدهر مع اليهود يحيون الأرض الموات ويزرعونها وهم في عسر شديد وكان اليهود هم أرباب الأموال فحدث نزاع وشجار بينهم وبين اليهود وهو أشبه بشيء بالثورات التي حدثت بين المزارعين أو العمال والمتمولين في القرون الأخيرة.

ثم نشبت حروب بين الأوس والخزرج فتارة كان النصر فيها للخزرج وأخرى للأوس وكان الظفر في أكثرها للخزرج. وأخيراً حالفت قريظة والنضير الأوس على الخزرج وانضم بنو قينقاع إلى الخزرج على تلك الحروب الطاحنة بين القبيلتين الأختين كان سببها - بناء على ما وصل إلينا من تاريخها - حزازات شخصية كان في الإمكان ملافاتها. لكن العداء اشتد بينهما لما في طبيعة العرب من التمسك بالأخذ بالثأر. وقد بلغت العاداوة بين الخزرج والأوس مبلغاً عظيماًقبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وآخر الحروب بينهم يوم بعاث الذي هزم فيه الخزرج وكان حوالي 616 م فلما سئموا القتال أجمعوا على تتويج عبد الله بن أبي ابن سلول ملكاً عليهم وابن سلول هذا هو هو الملقب برأس المنافقين وكلن رئيس الخزرج ولما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام دخل فيه كارهاً مصرّاً على النفاق والضغن فكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون. وقد حسد النبي صلى الله عليه وسلم لأن الإسلام منع تتويجه وأخذته العزّة فأضمر الشرّ وهو الذي قال في غزوة المصطلق: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّْ. فقال ابنه عبد الله للنبي: هو والله الذليل وأنت العزيز يا رسول الله إن أنت أذنت لي في قتله قتلته فوالله لقد علمت الخزرج ماكان بها أحد أبر بوالده مني. ولكني أخشى أن تأمر به رجلاً مسلماً فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي ينشي على الأرض حياًّ حتى أقتله. فقال صلى الله عليه وسلم: " بل نحسن صحبته ونترفق به ما صحبنا ولا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ولكن بر أباك وأحسن صحبته ".

ولما أنعم الله على الخزرج والأوس بنعمة الإسلام اتفقت الكلمة واجتمع الشمل وتآخى الفريقان فوحد رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمهما ولقبهما بالأنصار لأنهم نصروه. وتوحيد الإسمين تحت راية الإسلام كان له أعظم أثر في النفوس؛ إذ بذلك امتنع الشقاقوتصافت النفوس وساروا جميعاً نحو غرض واحد وهو نشر الإسلام.

جاء في دائرة المعارف الإسلامية في مادة أنصار ( Ansar ): [ لكأن محمداً أراد أن يشابه بين كلمة الأنصار والنصارى المطلقة على المسيحيين ] وهذا خطأ واضح لأن كلمة أنصار جمع نصير أما نصارى فنسبة إلى قرية بالشام تسنى ناصرة أو نصران وفوق ذلك فإن سبب تسمية الخزرج والأوس بالأنصار معروف وهو أنهم نصروه صلى الله عليه وسلم وقد جل رسول الله صلى الله عليه وسلم على التشبه والتقليد.


المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الاثنين، 11 فبراير 2019

الخزرج والأوس وما كان بينهما وبين اليهود

Khazraj Aus what between them Jews

الخزرج والأوس وما كان بينهما وبين اليهود

الخزرج والأوس هما قبيلتان مشهورتان من العرب في يثرب وقد لقبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنصار لما هاجر إليهم لأنهم هم الذين نصروه ومنعوه. وقد مر ذكرهم في بيعتي العقبة الأولى والثانية ولا شك أن الباحث يشتاق إلى الوقوف على تاريخ هاتين القبيلتين. وما كان بينهما وبين اليهود من علاقات وحروب لأن ذلك يساعده على فهم تاريخ سكان المدينة، وعلى موقف الأنصار واليهود إزاء الإسلام والمسلمين وليكون على بينة من أمرهم عند ذكرهم في الحوادث التي وقعت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

خزرج وأوس أخوان أبوهما حارثة بن ثعلبة العنقاء، بن عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وأم أوس وخزرج قيلة بنت كاهل بن عذرة بن سعد بن قضاعة ولذلك يقال لهما ابنا قيلة. وكان منهما قبيلتان مشهورتان عظيمتان من العرب في يثرب تذكران غالباً معاً فيقال الأوس والخزرج. لكن غلب اسم الخزرج وسموا أيضاً الأنصار لأنهم أول من قام بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وساعدوه في حروبه وآووه إلى أرضهم.

أما أصلهم فقد جاء في كتب السير، أنه لما خرج مزيقياء من اليمن بعد تفرق أهم سبأ، بسيل العرم ملك غسان بالشام ثم هلك وملك ابنه ثعلبة العنقاء. ولما هلك ملك بعده عمرو ابن أخيه جفنة فسخط مكانه ابنه حارثة وأجمع الرحلة إلى يثرب ونزل على يهود خيبر وسألهم الحلف والجوار على الأمان والمنعة فأعطوه من ذلك ما سأل وقيل: لما سار ثعلبة بن عمرو بن عامر في من معه اجتازوا يثرب فتخلف بها أوس وخزرج ابنا حارثة في من معهما فنزل بعضهم بضرار وبعضهم بالقرى مع أهلها ولم يكونوا أهل نعم ولا شاة لأن البلاد لم تكن بلاد مرعى ولا نخل لهم ولا زرع إلا الأعذاق اليسيرة فكانوا يحيون الأرض الموات ويزرعونها والأموال لليهود فلبثوا حيناً من الدهر على ذلك وهم في ضيق مالٍ وسوء حال، ثم قدم منهم مالك بن عجلان على أبي جبيلة الغساني فسأله عن حالهم فأخبره بضيق معاشهم. فقال: ما بالكم لا تغلبونهم كماغلبنا أهل بلدنا ووعده أنه يسير إليهم فينصرهم فرجع مالك وأخبر قومه بوعد أبي جبيلة فاستعدوا له، وقدم عليهم وخشي أن يتحصن منه اليهود فاخذ حائراً وبعث إليهم فمال خواصهم وحشمهم وأذن لهم في دخول الحائر ثم أمر جنوده فقتلوهم عن آخرهم. وقال للأوس والخزرج: إذا لم تتغلبوا على البلاد بعد قتل هؤلاء فلأحرقنكم ورجع إلى الشام. فأقاموا في عداوة مع اليهود ثم صنع لهم مالك بن عجلان طعاماً ودعاهم فامتنعوا خوفاً من الغدر فاعتذر إليهم مالك عن فعل أبي جبيلة ووعدهم أنه لا يقصد مثل ذلك فأجابوه وجاؤوا إليه فغدرهم وقتل 87 من رؤسائهم وفر الباقون وصورت البهود مالكاً في كنائسهم وبيعهم وكانوا يلعنونه كلما خلوا.

وذكر ابن الأثير رواية أخرى وهي أن اليهود كان لهم ملك إسمه الفيطون وكان ظالماً فاسقاً. وقد سن سنة أن كل امرأة تتزوج يدخل عليها قبل زوجها. فاتفق يوماً زفاف أخت مالك هذا فأتت مجلساً فيه أخوها وكشفت عن ساقها. فقال لها أخوها: قد أتيت بسوء. فقالت: الذي يراد بي الليلة أشد من هذا فثارت النخوة في رأسه واحتال على الدخول معها عند الملك في زي امرأة فلما خلا المكان قتله وفر إلى أبي جبيلة ولم يكن هذا ملكاً لغسان بل معظماً عند ملوك غسان وقد ذلوا بعد هذه الفعلة وخافوا ولجأ كل قوم إلى بطن من الأوس والخزرج يستنصرون بهم ويكونون لهم أحلافاً، وعظم شأن مالك وسوده الحيان. ولم يمض زمان طويل حتى أثرى الأوس والخزرج وامتنع جانبهم وقد تناسلوا وتكاثروا وتشعبوا عدة بطون فكان بنوا الأوس كلهم لمالك بن الأوس فمنهم خطة بن حنش ومالك وكلفة. ومن مالك معاوية وزيد. ومن زيد عبيد وضبيعة وأمية ومن كلفة جحجبا. ومن مالك بن الأوس الحارث وكعب ابنا الخزرج بن عمرو بن عوف بن مالك. فمن كعب بنو ظفر. ومن الحارث بن الخزرج حارثة وجشم. ومن جشم بنو عبد الأشهل. ومن مالك ابن الأوس أيضاً بنو سعد وبنو عامر ابنا مرة بن مالك فبنو جعد الجعادرة. ومن بني عامر عطية وأمية ووائل بنو زيد بن قيس بن عامر. ومن مالك بن الأوس أيضاً أسلم وواقف ابنا امريء القيس بن مالك. فهذه بطون الأوس كما ذكر ابن خلدون.

وأما الخزرج فخمسة بطون من كعب وعمرو وعوف وجشم والحارث.

1- فمن كعب بن الخزرج، بنو ساعدة بن كعب.

2- وعمرو بن الخزرج بنو النجار وهم: تيم الله بن ثعلبة بن عمرو وهم شعوب كثيرة: بنو مالك وبنو عدي وبنو مازن وبنو دينار، كلهم بنو النجار. ومن مالك بن النجار، مبدول واسمه عامر وغانم وعمرو. ومن عمرو عدي ومعاوية.

3- ومن عوف بن الخزرج، بنو سام والقوافل وهما: عوف بن عمرو بن عوف. والقوافل: ثعلبة ومرضخة بنو قوقل بن عوف، بنو العجلان ابن زيد بن عصم بن سالم وبنو سالم بن عوف.

4- ومن جشم بن الخزرج بنو غضب بن جشم ويزيد بن جشم. فمن غضب بنو بياضة وبنو زريق وبنو عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب. ومن يزيد ابن جشم بنو سلمة بن سعد بن علي بن راشد بن ساردة بن زيد.

5- ومن الحاث بن الخزرج، بنو خدرة وبنو حرام ابني عوف بن الحارث بن الخزرج. فلما فعلوا ما فعلوه باليهود واعتزوا وكثروا تفرقوا في عالية يثرب وسافلتها وملكوا أمرها في حلفهم من جاورهم من قبائل مضر ثم قامت الفتن بين الحيين وكل منهم يستنصر بمن حالفه من مضر واليهود ورحل عمرو بن الإطنابة من الخزرج بن المنذر ملك الحيرة فملكه على الحيرة واتصلت الرياسة في الخزرج والحرب بينهم وبين الأوس.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأحد، 10 فبراير 2019

معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود

agreement Messenger Allah with Jewish

معاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود

قال ابن إسحاق وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط عليهم واشترط لهم:

بِسْــمِ الله الرَّحْمَــــنِ الرَّحِيــــمِ

" هذا كتاب من محمّد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكا طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة نفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وأن المؤمنين لا يتركون مفرجاً بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل ولا يحالف مؤمن مولى من دونه وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم ولا يقتل مؤمن في كافر ولا ينصر كافر على مؤمن. وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس وأنه من يتبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وأن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم وأن كل غازية غزت معنا تعقب بعضها بعضاً وأن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه وأنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً ولا يحول دونه على مؤمن وأنه من اغتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول وأن المؤمنين عليه كافة لا يحل لهم إلا قيام عليه وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثاً ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده الى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم، وأن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما دامو محاربين وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وأن لبني الشطنة مثل ما ليهود بني عوف وأن البردون الإثم وأن موالي ثعلبة كأنفسهم وأن بطانة يهود كأنفسهم وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم وأنه لا ينحجز على ثار جرح وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلا من ظلم وإن الله على أبر هذا وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبردون الإثم وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين؛ وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وأن ليهود الأوس مواليهم وأنفسهم مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل هذه الصحيفة وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم وأن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

السبت، 9 فبراير 2019

خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول خطبة صلاها بالمدينة

Sermons Messenger Allah first prayer tcity

خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول خطبة صلاها بالمدينة

هذا نص الخطبة التي خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف.

" الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأؤمن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى والنور والموعظة على فترة من الرسل وقلة العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة وقرب من الأجل. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالاً بعيداً. وأوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم، ثم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه ولا أفضل من ذلك نصيحة ولا أفضل من ذلك ذكراً، وأن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة. ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره وذخراً فيما بعد الموت حتى يفتقر المرء الى ما قدم، وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد. والذي صدق قوله وأنجز وعده ولا خلف لذلك فإنه يقول عزّ وجلّ: ¤ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ¤ فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية فإنه من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً، ومن يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً، وإن تقوى الله يوقي مقته ويوقي سخطه، وإن تقوى الله يبيض الوجوه ويرضي الرب ويرفع الدرجة. خذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله. قد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ على بينة ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد اليوم فإنه يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس ذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر ولا قوة إلا بالله العظيم ".

هذه هي أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في أول جمعة ونلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيها أهل مكة ولا ما كان من عنادهم وإصرارهم على الكفر وإيذائهم للمسلمين، وتآمرهم على قتله بل قصر خطبته على حض المسلمين على التقوى وتذكيرهم بالله تعالى وهذا في الحق غاية الأدب ومنتهى ما يصل إليه حلم الحليم. ولو كان غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لاستفزه الغضب وعدد مثالبهم لأنهم هم الذين خذلوه واضطهدوه وأخرجوه من أحب البلاد إليه وكانوا عقبة في في سبيل تبليغ رسالة ربه وقد صدق الله تعالى حيث قال: ¤ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ¤.

نعم إن هذا خلق عظيم وأدب كريم، ونحن نرى رجل الأحزاب يستعملون في خطبهم أقبح الألفاظ وأشنع الشتائم لأسباب تافهة ومع ذلك يزعمون أنهم قادة وسادة ينشرون العلم والمدنية وينشدون الإصلاح والحرية!!.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

ذكر الهجرة في القرآن

Description migration Koran
ذِكْرُ الهِجْرَةِ في القُرْآن

قال تعالى: ¤ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ¤ وهذا إعلام من الله لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه المتوكل بنصر رسوله على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم، أعانوه أو لم يعينوه. إذ يقول لصاحبه، يقول: إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر لا تحزن، وذلك أنه خاف من الطلب أن يعلموا بمكانهما فجزع من ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تحزن ان الله معنا وإن الله ناصرنا فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا " وقد نصره الله على عدوّه وهو بهذه الحال من الخوف وقلة العدد.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الجمعة، 8 فبراير 2019

وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة

arrival Messenger Allah Madinah

وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة

وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم اللإثنين من شهر ربيع الأول قرب الظهر. ونزل قباء على كلثوم بن الهدم شيخ بني عمرو بن عوف وهم بطن من الأوس. وقباء قرية على ميلين من جنوب المدينة وهي خصبة بها حدائق من أعناب ونخيل وتين ورمان وأقام بها رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وهو الذي أسس على التقوى من أول يوم. ونزل أبو بكر ضي الله عنه على حبيب بن إساف بالسنح ثم قدم عليّ رضي الله عنه ومعه الفواطم وأم أيمن وولدها أيمن و جماعة من ضعفاء المؤمنين بعد أن أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده إلى الناس، ولما وصل نزل عن كلثوم بن الهدم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان علي رضي الله عنه في في طريقه يسير الليل ويكمن النهار حتى تفطرت قدماه فاعتنقه النبي صلى الله عليه وسلم وبكى رحمة به لما بقدمه من الورم وتفل في يديه وأمرهما على قدميه فلم يشكهما بعد ذلك. ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يريد المدينة وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي ببطن الوادي بمن معه من المسلمين وكانوا مئة وهي أول جمعة صلاها بالمدينة وأول خطبة خطبها في الإسلام ثم ركب راحلته ( القصوى ) يريد المدينة وأرخى زمامها فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا قالوا: هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة والمنعة ويعترضون ناقته فيقول: خلوا سبيلها فإنها مأمورة حتى بركت عند موضع مسجده اليوم وكان مربداً للتمر لغلامين يتيمين وهما: سهل وسهيل ابنا عمرو من بني النجار فلما بركت لم ينزل عنها ثم وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به فالتفتت خلفها ثم رجعت الى مبركها الأول فبركت فيه ووضت جرانها ( مقدمة عنقها ) فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل أبو أيوب الأنصاري رحل ناقته الى بيته فأقام عنده حتى بنى حجره ومسجده ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبي المربد - وكانا غلامين - فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله فأبى أن يقبل منهما هبة حتى ابتاعه منهما بعشرة دنانير ذهباً أداها من مال أبي بكر ثم بناه مسجداً وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن ( الطوب النيء ) في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن:

هذا الحمال لا حمال خيبر ....... هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

إم إن الأجر أجر الآخرة ....... فارحم الأنصار والمهاجرة

ثم أودع رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم اليهود وكتب بينه وبينهم كتاب صلح وموادعة وسنأتي على نص الكتاب فيما بعد.

وقبل أن يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء مسجده مات سعد بن زارة بالذبحة والشهقة، وكان نقيباً لبني النجار فطلبوا إقامة نقيب مكانه فقال: أنا نقيبكم ولم يخص منهم أحداً دون آخر فكانت من مناقبهم. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده من ربيع الأول إلى صَفَرْ، فكان مسجداً بسيطاً، جدرانه من اللبن، على قاعدة الحجارة. والسقف من جريد النخل، مقاماً على الجذوع ولم يكن فيه أثر للزخرفة، أو النقش وليس به منبر. فكان الرسول يخطب في باديء الأمر بلا منبر.

فرح أهل المدينة بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً وقابلوه بالإبتهاج وصعدت ذوات الخدور على الأسطحة. وعن عائشة رضي الله عنها: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جلس النساء والصبيان والولائد يقلن جهراً:

طلع البدر علينا ....... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ....... ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا ....... جئت بالأمر المطاع

ولعبت الحبشة بحرابهم فرحاً بقدومه صلى الله عليه وسلم. وكانت الأنصار يتقربون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدايا رجالهم ونساؤهم.

قال ابن عباس: ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين، واستنبيء يوم الإثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الإثنين، وقبض يوم الإثنين، وابتدىء التاريخ في الإسلام من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وأول من أرخ بالهجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة سبعة عشرة من الهجرة إلا أن التاريخ الهجري يبدأ قبل الهجرة بشهرين. وذلك أنهم جعلوا مبدأ التاريخ المحرم من تلك السنة والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة. ثم كانت الهجرة بعد ذلك في ربيع الأول.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الهجرة إلى المدينة

VACATION MADINAH MEKKA MOHAMED

الهجرة إلى المدينة12 ربيع الأول سنة 622

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يرصدونه فأخذ حفنة تراب وجعل ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى يـس إلى قوله: ¤ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ¤ ثم انصرف فلم يروه.
فلما أفاقوا من غشيتهم جعلوا يطلعون فيرون علياً نائماً وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: إن محمداً لنائم. فأقاموا بالباب يحرسون علياً يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقوم في الصباح. فلما أصبحوا قام علي عن الفراش فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري فعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نجا.

فأما علي فأقام بمكة حتى يؤدي ودائع النبي صلى الله عليه وسلم وقصد النبي صلى الله عليه وسلم دار أبي بكر رضي الله عنه وأعلمه بأن قد أذن له بالهجرة، فقال أبو كبر: الصحبة يا رسول الله. قال الصحبة فبكى أبو بكر رضي  الله عنه فرحاً واستأجر عبد الله بن أريقط الديلمي وكان مشركاً ليدل لهما إلى المدينة وينكب عن الطريق العظمى. ولم يعلم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر وعلي وآل أبي بكر، وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت منه، وذلك يوم الإثنين الظهر لثلاث وخمسين سنة من مولده 28 يونيو 622 م.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين خروجه من مكة إلى المدينة: " اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إليّ فأسكني أحب البلاد لديك " رواه الحاكم في المستدرك وكان مدة مقامه بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة. ثم أتيا الغار الذي بجبل ( ثور ) على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع لهما بمكة ثم يأتيهما ليلاً وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاراً صم يأتيهما بها ليلاً ليأخذا حاجتهما من لبنها وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بطعامهما فأقاما في الغار ثلاثاً. 
ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال: هنا انقطع الأثر وإذا بنسيج العنكبوت على فم الغار وقد عششت على بابه حمامتان. فقالت قريش: ما وراء هذا الشيء. وجعلوا مئة ناقة لمن يرده عليهم. فلما مضت الثلاث وسكن الناس أتاهم دليلهما ببعيرين فأخذ أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر بالثمن لتكون هجرته الى الله بنفسه وماله رغبة منه عليه الصلاة والسلام في استكمال فضل الهجرة إلى الله تعالى. ثم ركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة يخدمهما على الطريق وأتتهما أسماء بسفرة لها وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ( ذات النطاقين ) حمل أبو بكر جميع ماله وكان نحو ستة آلاف درهم وبينما هما في الطريق مجردين من كل سلاح بصر بهما سراقة بن مالك بن جُعشم فاتبعهما ليردهما فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت: ( غاصت ) قوائم فرسه في أرض صلبة. فقال: ادع لي يا محمد ليخلصني الله أن أرد عنك الطلب فدعا له فخلصه. فعاد يتبعهما. فدعا عليه الثانية فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى. فقال: يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك عليّ فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ولك عهد الله أن أرد عنك الطلب. فدعا له فخلص وعاهدهم أن لا يقاتلهم ولا يخبر عنهم وأن يكتم عنهم ثلاث ليال. فرجع سراقة ورد كل من لقيه عن الطلب بأن يقول ما هاهنا.

وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:
" فبينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت عائشة: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخرج من عندك فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال: فإني قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين، وأسماء بنت أبي بكر الصديق كانت أسن من عائشة وهي أختها لأبيها وكان عبد الله بن أبي بكر أخا أسماء شقيقها، قالت: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور ( جبل بمكة ) فكمنا فيه ثلاث ليالٍ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثَقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس. يفعل ذلك في كل يلة من تلك الليالي الثلاث.

واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفاً في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فجاءهما براحاتبهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل قال سراقة بن جعشم: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره. فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفاً أسودة بالساحل  أراها محمداً وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أن أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي تقرب بي وعصيت الأزلام حتى إذا سمعت قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الإلتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذ لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان. فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومما وقع لهما في الطريق أنهما لقيا طلحة بن عبيد الله في الطريق وكان راجعاً من تجارة فحياهما وكساهما ثياباً بيضاً وقيل: لقيهما الزبير كذلك ولعلهما لقياهما معاًأو متعاقبين فكسواه وأبا بكر ما ذكر.

غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مسقط رأسه بعد أن سخر به قومه ورفضوا دعوته وتمسكوا بعقيدتهم القديمة التي ألفوها ولم يحكموا عقولهم، ولم يعترفوا أن عبادة الأصنام من دون الله تعالى كفر. وليس بعد الكفر ذنب ولا بعد الشرك ضلال. قال تعالى: ¤ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ¤.

غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو آسف لفراق قومه بعد أن صبر على أذاهم وجاهد وكافح سنين طويلة، فغادرهم ذلك النور الساطع والعلم الواسع والهمة العالية والنفس الأبية والروح الطاهرة النقية والشخصية االجذابة المحبوبة والوجه المشرق الدائم الإبتسام والخلق العظيم والفم الذي لا ينطق على الهوى.

لقد غادرهم الرسول الأمين، الهادي إلى الصراط المستقيم، مبلغ رسالات رب العالمين. ولو علمت قريش الحقيقة وتخلوا عن التعصب، لتمسكوا بأهدابه وتعلقوا بأذياله واغترفوا من فيض علمه وبحور حكمته واهتدوا بهديه وتخلقوا بخلقه وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة.

إن الرسول بهجرته قد ترك مكة في ظلام دامس فلما وصل المدينة أشرقت أنواره في جميع أرجائها فخرج القوم يستقبلونه بالبشر والسرور ويتسابقون لمشاهدة وجهه الصبوح ويتبركون به ويستضيفونه ويستمعون إلى حكمه البالغة. وقد عبروا عن شعورهم بذلك النور بقولهم: ( طلع البدر علينا ).

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأربعاء، 6 فبراير 2019

مؤامرة قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم


مؤامرة قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم

لقد بلغ اضطهاد قريش للمسلمين أنهم اضطروهم إلى الهجرة ففريق هاجر إلى الحبشة ثم هاجر من بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. ولما علمت قريش تتابع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة أخيراً إلى المدينة وقد صارت له شيعة وأنصار من غيرهم وأنه أجمع على اللحاق بهم، تشاوروا فيما يصنعون في أمره فاجتمعوا في ( دار الندوة ) وهي دار قصي بن كلاب وتشاوروا في حبسه أو إخراجه عنهم ( نفيه ) ثم اتفقوا على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم شاباً جلداً فيقتلوه جميعاً فيتفرق دمه في القبائل ولا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعاً ويقال: إن هذا كان رأي أبي جهل. وهكذا نجد دائماً اسم أبي جهل وأبي لهب في كل مؤامرة ضد النبي صلى الله عليه وسلم وكل إيذاء واضطهاد كأن لا عمل لهما غير ذلك.

استعدوا لقتله عليه الصلاة والسلام من ليلتهم وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه فلما كانت العتمة اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فأمر علياً أن ينام على فراشه ويتشح ببرده الأخضر وأن يتخلف عنه ليؤدي ماكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الودائع إلى أربابها فامتثل أمره فكان أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ووقى بنفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهنا نقول إن الأستاذ مرجوليوث اعتاد أن يصف أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاحة العقل والنبل ولا يعدم أن يجد كتاباً يذكره كمصدر له من غير تحقيق فقد قال عن أبي جهل في كتابه محمد إنه حاز شهرة عظيمة في العقل حتى إنه دخل دار الندوة في سن الثلاثين في حين أنه لا يسمح لأحد من أهل مكة بدخولها، إلا إذا بلغ الأربعين. والحقيقة أنهم كانوا لا يدخلون فيها غير قرشي إلا إذا بلغ أربعين سنة بخلاف القرشي تمييزاً له وبما أن أبا جهل قرشي فكان يسوغ له دخول دار الندوة قبل الأربعين وليس ذلك لأنه شديد الذكاء راجح العقل بل لأنه كان قرشياً.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

بيعة العقبة الثانية

second homage Aqaba

بيعة العقبة الثانية

اتفق جماعة من الأنصار على لقاء النبي صلى الله عليه وسلم مستخفين لا يشعر بهم أحد فوافوا مكة في الموسم في ذي الحجة مع كفار قومهم واجتمعوا به وواعدوه أوسط التشريق فلما كان الليل خرجوا بعد مضي ثلثه يتسللون حتى اجتمعوا بالعقبة وحضر معهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر وأسلم تلك الليلة وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وكان لا يزال على دين قومه وأحب أن يتوثق لابن أخيه وكان أول من بايع تلك الليلة وهو أول من تكلم. فقال: يا معشر الخزرج ( وكانت العرب تسمى الخزرج والأوس به ) إن محمداً منا حيث قد علمتم في عز ومنعة وإنه قد أبى الا الانقطاع إليكم فإن كنتم ترون أنكم تفون له بما دعوتموه إليه ومانعوه فأنتم وذلك. وإن كنتم ترون انكم مسلموه فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة. فقال الأنصار: قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله وخذ لنفسك وربك ما أحببت فتكلم وتلا القرآن ورغب في الإسلام ثم قال: " تمنعونني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم " وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في الإخلاص والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أخذ بيده وقال: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه ذرارينا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحرب، فاعترض الكلام أبو الهيثم بن التيهان حليف بني الأشهل فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالاً وإنا قاطعوها يعني اليهود فعل عسيت إن أظهرك الله عز وجل أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " بل الدم الدم، الهدم الهدم، أنتم مني وأنا منكم أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم " وكانت عدة الذين بايعوا في تلك الليلة سبعين رجلاً وامرأتين: نسيبة بنت كعب أم عمارة وأسماء بنت عمرو بن عدي من بني سلمة. واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم: تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وقال لهم: " أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي ".

والنقباء هم: 1- سعد بن عبادة، 2- أسعد بن زرارة، 3- سعد بن الربيع، 4- سعد بن خيثمة، 5- المنذر بن عمرو، 6- عبد الله بن رواحة، 7- البراء بن معرور، 8- أبو الهيثم بن التيهان، 9- أسيد بن حضير، 10- عبد الله بن عمرو حرام، 11- عبادة بن الصامت، 12- رافع ابن مالك بن العجلان. وروي أنه نقب على النقباء أسعد بن زرارة فتوفي بعد والمسجد النبوي يبنى. فكان أول من دفن بالبقيع من المسلمين.

فلما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم رجعوا إلى المدينة فكان قدومهم في ذي الحجة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وهاجر الى المدينة في شهر ربيع الأول وقدما لاثنتي عشرة ليلة خلت منه وقد كانت قريش لما بلغهم إسلام من أسلم من الأنصار اشتدوا على من بمكة من المسلمين فأصابهم جهد شديد. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أرسالاً حتى لم يبق أحد من المسلمين بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعلي بن أبي طالب فإنهما أقاما بأمره وكان صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة.

وإسلام الأنصار له شأن كبير في تاريخ الإسلام بل في تاريخ الدنيا.

المصدر: كتاب سول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الاثنين، 4 فبراير 2019

بدء اسلام الأنصار - بيعة العقبة الأولى

beginning Islam Ansar Saad Bin Moad

بدء اسلام الأنصار
بيعة العقبة الأولى - إسلام سعد بن معاذ

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب وحجاجهم كما كانت عادته كل موسم، فبينما هو عند العقبة التي تضاف إليها الجمرة فيقال جمرة العقبة هي على يسار القاصد منى من مكة إذ لقي رهطاً من الأوس والخزرج كانوا يحجون من العرب. وهما قبيلتاتن مشهورتان عظيمتان من العرب في يثرب وقد لقبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنصار لما هاجر اليهم ومنعوه ونصروه، وكان الذين لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخزرج هم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ويعرف بابن عفراء وهما من بني النجار، ورافع بن مالك بن العجلان وعامر بن عبد حارثة وهما من بني زريق. وقطبة بن عامر بن حديدة من بني سلمة وعقبة بن عامر بن نابيء من بني غنم وجابر بن عبد الله بن رباب من بني عبيدة فعرض النبي عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فقبلوا ذلك منه وأثر في قلوبهم وكان اليهود من الأوس والخزرج بالمدينة وكانوا أهل كتاب والأوس والخزرج أهل شرك وأوثان. وكانوا اذا كان بينهم شيء تقل اليهود إن نبياً سيبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معكه قتل عاد وإرم وكانوا يصفونه بصفاته لهم فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم النبي صلى الله عليه وسلم ودعوهم الى الإسلام فأسلم كثيرون منهم حتى اذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار أثنا عشر رجلاً وذلك سنة اثنتي عشرة من النبوة ( 621 م ) فلقوه في العقبة فبايعوه بيعة النساء، وسميت بذلك لأنها كانت على الأمور التي ورد ذكرها في سورة الممتحنة خاصة ببيعة النساء وهي هذه الآية: ¤ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ¤.

وبعد أن تمت هذه البيعة بعث صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم الى المدينة يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام وكان يسمى مصعب بالمدينة المقريء فأسلم على يده سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وكان سعد من أجل رؤسائهم ثم فشا فيهم الإسلام في المدينة. وقال سعد لما أسلم لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تسلموا. فأسلموا. فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام. وشهد بدراً. لم يختلفوا فيه وشهد أحداً والخندق وفيها أصيب بسهم وهو الذي حكم على بني قريظة بالقتل كما سيأتي في المدوّنة. وبعد أن حكم عليهم انفجر عرقه فاحتضنه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الدماء تسيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاء أبو بكر وقال: وانكسار ظهره!!. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " مه ". فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون. ولما دفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف من جنازته، جعلت دموعه تحادر على لحيته ويده في لحيته ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف؛ وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت ( وهو صيفي ) وكان شعراً لهم وقائداً يسمعون منه ويطيعونه فوقف بهم عن الإسلام ولم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

إقرء المزيد

عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب

Show Messenger Allah himself tribes Arabs

عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب

أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالته باديء الأمر ثم أعلنها في السنة الرابعة من النبوة ودعا الى الإسلام عشر سنين يوافي المواسم كل عام يتبع الحجاج في منازلهم بمنى والموقف يسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي اليهم في أسواق الموسم وهي عكاظ ومجنة وذو المجاز، وكانت العرب إذا حجت تقيم بعكاظ شهر شوال، ثم تجيء الى سوق مجنة تقيم فيه عشرين يوماََ، ثم تجيء الى سوق المجاز فتقيم به أيام الحج وكان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه عليهم ويدعوهم الى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالة ربه، وكان يطوف على الناس في منازلهم ويقول: " يا أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاََ " وكان أبو لهب يمشي وراءه ويقول: إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، وروى ابن اسحاق أنه صلى الله عليه وسلم عرض نفسه على كندة وكلب وعلى بني حنيفة وبني عامر بن صعصعة فقال له رجل منهم: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظفرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ فقال الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء. فقال له: أنقاتل العرب دونك فإذا أظفرك الله كان الأمر لغيرنا؟ لا حاجة لنا بأمرك وأبوا عليك. فلما رجعت بنو عامر الى منازلهم وكان فيهم شيخ أدركته السن لا يقدر أن يوافي معهم الموسم. فلما قدموا عليه سألهم عما كان في موسمهم فقالوا: جاءنا فتى من قريش أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا فوضع الشيخ يده على رأسه، ثم قال: يا بني عامر هل لها من تلاف؟ أي هل لهذه القصة من تدارك. والذي نفس فلان بيده ما يقولها كاذباً من بني اسماعيل قط وإنها لحق وإن رأيكم غاب عنكم.

وروى الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم أتى بني عبس وبني سليم وبني محارب وفزارة ومرة وبني النضر وعذرة والحضارمة فردوا عليه صلى الله عليه وسلم أقبح الرد وقالوا: أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك، ولم يكن أحد من العرب أقبح عليه من بني حنيفة وهم أهل اليمامة، قوم مسيلمة الكذاب، ومن ثم جاء في الحديث (( شر قبائل العرب بنو حنيفة )) ومن أقبح القبائل في الرد عليه صلى الله عليه وسلم ثقيف، ومن ثم جاء (( شر قبائل العرب بنو حنيفة وثقيف )) ومازال صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل في كل موسم يقول لا أكره أحداً على شيء من رضي الذي أدعو إليه فذاك ومن كره لم أكره وإنما إريد منعي من القتل حتى أبلغ رسالة ربي فلم يقبله صلى الله عليه وسلم أحد من تلك القبائل ويقولون: قوم الرجل أعلم به، أترون أن رجلاً يصلحنا وقد أفسد قومه.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

إقرء المزيد

السبت، 2 فبراير 2019

فريضة الصلاة


فريضة الصلاة

فرضت الصلوات الخمس ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ولا خلاف في ذلك. قيل كما هي الآن في عدد الركعات وهو الأصح. والصلاة هي فريضة قائمة وشريعة ثابتة عرفت فرضيتها بالكتاب وهو قوله تعالى: ¤ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ ¤ وقوله تعالى: ¤ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ¤ فإنه يدل على فرضيتها وعلى كونها خمساً لأنه أمر بالمحافظة على جميع الصلوات وعطف الصلاة الوسطى وأقل جمع يتصور معه وسطى هو الأربع. وبالسنة قوله عليه الصلاة والسلام: " إن الله فرض على كل مسلم ومسلمة في كل يوم وليلة خميس صلوات ".

وحكمة مشروعيتها التذلل والخضوع بين يدي الله تعالى ومناجاته بالقراءة والذكر واستعمال الجوارح في خدمته وهي أفضل العبادات البدنية الظاهرة.

جاء في رسالة الصلاة لإبن سينا: أن الصلاة تشبه النفس الإنساني الناطق بالأجرام الفلكية والتعبد الدائم للحق المطلق طلباُ للثواب السرمدي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة عماد الدين " والدين هو تصفية النفس الإنساني عن الكدورات الشيطانية والهواجس البشرية والإعراض عن الأعراض الدنيوية الدنية. والصلاة هي التعبد للمعبود الأعظم الأعلى، فعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل قوله تعالى: ¤ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ¤ بيعرفون لأن العبادة هي المعرفة أي عرفان واجب الوجود وعلمه بالسر الصافي والقلب النقي والنفس الفارغة. فإذاً حقيقة الصلاة علم الله سبحانه وتعالى بوحدانيته ووجوب وجوده، وتنزيه ذاته وتقديس صفاته في سوانح الإخلاص في صلاته. وأعني بالإخلاص أن تعلم صفات الله بوجه لا يبقى للكثرة في مشرع ولا للإضافة فيه منزع، فمن فعل هذا فقد أخلص وصلى وما ضل وما غوى ومن لم يفعل فقد افترى وكذب وعصى. والله أجل واعلى وأعزّ من ذلك وأقوى.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا إيمان لمن لا صلاة له ولا إيمان لمن لا أمانة له " وقال: " صلوا كما رأيتموني أصلي " قال تعال : ¤ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ¤.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الخميس، 31 يناير 2019

قصة خبر المعراج

News Story Mirage

قصة خبر المعراج

عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ليلة أسري به قال: بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعاً إذ أتاني آت فقد قال: وسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه - قال الراوي من ثغرة نحره إلى شعرته -، فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض - قال الراوي وهو البراق يضع خطوه عند أقصى طرفه - فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد.قيل وقد أرسل اليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام. ثم قال: مرحباً بالإبن الصالح. 

ثم صعد بي الى السماء الثانية فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل وقد أرسل اليه؟ قال: نعم. قال: مرحبا فنعم المجيء جاء ففتح. فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة. قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. 

ثم صعد بي الى السماء الثالثة فاستفتح. قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل ومن معك؟ قال: محمد. قييل وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً فنعم المجيء جاء. ففتح فلما خلصت إذ يوسف. قال: هذا يوسف فسلم عليه فرد ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. 

ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل وقد أرسل اليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبا فنعم المجيء جاء. ففتح فلما خلصت إذا ادريس قال: هذا ادريس فسلم عليه فسلمت فرد. قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. 

ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح. فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل اليه؟ قال: نعم. قال: مرحباً به فنعم المجيء جاء. فلما خلصت فإذا هارون. قال: هذا هارون فسلم عليه. فسلمت عليه فرد. ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. 

ثم صعد بي حتى السماء السادسة فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قال: مرحباً فنعم المجيء جاء. فلما خلصت فإذا موسى. قال: هذا موسى فسلم عليه. فسلمت عليه، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكى قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي. 

ثم صعد إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث اليه؟ قال: نعم. قال: مرحباً فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا ابراهيم. قال: هذا أبوك ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام، فقال: مرحباً بالإبن الصالح والنبي الصالح. 

ثم رفعت الى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان. فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران: فالنيل والفرات. 

ثم رفع لي البيت المعمور فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك. 

ثم فرضت عليّ الصلوات خمسين صلاة كل يوم فرجعت فمررت على موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم. وإني والله خبرت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت الى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعت الى موسى فقال مثله فرجعت فوضع عني عشراً، فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت الى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس كل يوم. فقال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني جربت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قلت: سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلّم قال: فلما جاوزت ناداني مناد: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي.

عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: ¤ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ¤ قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس. قال: والشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

تأثير خبر الإسراء في قريش

 Influence news Isra Quraysh

تأثير خبر الإسراء في قريش

لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الناس بما رآه فصدقه الصديق وكل من آمن به إيماناً قوياً وارتد ناس ممن آمن به. وكذبه الكفار واستوصفوه مسجد بيت المقدس فوصفه لهم وسألوه عن أشياء في المسجد فمثل بين يديه فجعل ينظر اليه ويصفه ويعد أبوابه لهم باباً باباً فيطابق ما عندهم. وسألوه عن عير لهم فأخبرهم بها وبوقت قدومها فكان كما أخبر.

ويروى أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع الى مكة من ليلته أخبر بمسراه أم هانيء بنت أبي طالب أخت علي رضي الله عنه وأنه يريد أن يخرج إلى قومه ويخبرهم بذلك لأنه ما أحب أن يكتم قدرة الله وما هو دليل على علو مقامه صلى الله عليه وسلم فتعلقت بردائه أم هانيء وقالت: أنشدك الله يابن عم ألا تحدث بها قريشاً فيكذبك من صدقك فضرب بيده ردائه فانتزعه منها. قالت: وسطع نور عند فؤاده كاد يخطف بصري فخررت ساجدة فلما رفعت رأسي فإذا هو قد خرج. قالت: فقلت لجاريتي نبعة وكانت حبشية اتبعيه وانظري ماذا يقول فلما رجعت أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى الى نفر من قريش في الحطيم وفيهم مطعم بن عدي وأبو جهل بن هشام فأخبرهم بمسراه.

ولما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر الإسراء على جمع من قريش أعظموا ذلك الإسراء وصار بعضهم يصفق وبعضه يضع يده عن رأسه تعجّباً - فلو كان الإسراء رؤيا منامية لما كانت مستغربة ولما أحدث تلك الضجة وكذبه المسلمون اللهم إلا من كان منهم قوي العقيدة ثابت الإيمان - قال مطعم بن عدي إن أمرك قبل اليوم كان أمراً يسيراً غير قولك اليوم، هو يشهد أنك كاذب. نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعداً شهراً ومنحدراً شهراً. أتزعم أنك أتيته في ليلة واحدة؟ واللات والعزى لا أصدقك وما كان هذا الذي تقول قط. فقال أبو بكر رضي الله عنه يا مطعم بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذبته أنا شهد أن أنه صادق وفي رواية فسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك الى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى المقدس؟ قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن قال ذلك لقد صدق. قالوا: أتصدقه أنه ذهب إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء في غدوة وروحة. فقال مطعم: يا محمد صف لنا بيت المقدس. فقال أبو بكر رضي الله عنه: صف لي يا رسول الله فإني قد جئته فجاءه جبريل بصورته ومثاله فجعل يقول: أشهد أنك رسول الله حتى أتى على أوصافه.

وهذه هي الأحاديث الواردة في صحيح البخاري الخاصة بالإسراء والمعراج: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لما كذّبتني قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه ".

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأحد، 27 يناير 2019

سفر محمد رسول الله إلى الطّائف

Travel Messenger God Taif Mohamed

سَفَرُ مُحَمَّدْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفْ

الطّائف بلدة في الحجاز على مسافة 65 ميلاً جنوباً شرقياً من مكة، وهي مشهورة بجودة مناخها وخصب أرضها وفواكهها ولا سيما العنب والبرقوق والرمّان والخوخ وبها مياه جارية ويضرب بعنبها المثل في الحسن وريما جمد الماء فيها في الشتاء. والجبل الذي هي عليه يقال له ( غزوان ) وهي مصيف أغنياء مكّة، ومقر عبادة العزى وقد سافر اليها النبي صلى الله عليه وسلم لثلاث بقين من شوال سنة عشر من المبعث ( يناير - فبراير 620 م ) ومعه مولاه زيد بن حارثة يلتمس من ثقيف النصرة فعمد الى جماعة من أشراف ثقيف ودعاهم الى الله فقال واحد منهم: أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟ وقال الآخر: والله لا أكلمك أبداً لأنك إن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك. 

وأغروا به سفهاؤهم وعبيدهم ويرمونه بالحجارة ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط وقد أدموا رجليه فلما اطمأن ورجع عنه السفهاء قال عليه الصلاة والسلام: " اللهم أشكو إليك ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس. اللهم يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتهجّمني أو إلى عدوٍّ ملّكته أمري، إن لم يكن بك عليّ عضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع، إني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل بي سخطك لك العتبى حتى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك " وهذا الدعاء مشهور بدعاء الطائف. 

فلما رآى ابنا ربيعة عتبة وشيبة ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركت له رحمهما فدعوا له غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس. فقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل فقل له أن يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال بسم الله. فنظر عداس الى وجهه ثم قال: والله ان هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلدة. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك؟ قال: أنا نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟ قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أخي كان نبياً وأنا نبيّ. فأكب عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه ورجليه. 

فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل. لقد خبرني يأمر لا يعلمه إلا نبي. فقالا: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه. ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعاً الى مكة حين يئس من خير ثقيف فوجد قومه أشدّ ما كانوا عليه من خلافة وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به. 

وفي الطبري: أن بعضهم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف مريداً مكة مر به بعض أهل مكة فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: هل أنت مبلغ عني رسالة أرسلك بها؟ قال: نعم. قال: آئت الأخنس بن شريق فقل له يقول لك محمد: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي؟ قال: فأتاه فقال ذلك. فقال الأخنس: إن الحليف لا يجير على الصريح. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. قال: تعود؟ قال: نعم. قال: آئت سهيل بن عمرو فقل له ان محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ قال: نعم فليدخل. فرجع اليه الرجل فأخبره. وأصبح المطعم قد لبس سلاحه وبنوه وبنو أخيه فدخلوا المسجد. فلما رآه أبو جهل قال: أمجير أم متابع. قال: قد أجرنا من أجرت. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأقام بها، فدخل يوماً المسجد الحرام والمشركون عند الكعبة فلما رآه أبو جهل قال: هذا نبيكم يا بني عبد مناف. قال عتبة بن ربيعة: وما تنكر أن يكون منا نبي أو ملك؟ فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعه قأتاهم فقال: أما أنت يا عتبة بن ربيعة فوالله ما حميت لله و لا لرسوله ولكن حميت لأنفك. وأما أنت يا أبا جهل فوالله لا يأتي عليك غير كبير من الدهر حتى تدخلوا فيما تنكرون وأنتم كارهون.

ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بالطائف عشرة أيام، وظاهر أن الذي دعاه الى السفر هو التماس النصرة، ولكنهم خذلوه وما التمس النصرة من ثقيف الا بعد أن توفي أبو طالب وخديجة. أضف الى ذلك أن فريقاً من المسلمين هاجروا الى الحبشة، ولما عاد من الطائف لم يستطع دخول مكة إلا بجوار رجل كالمطعم بن عدي.

وفي رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف مرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين اليمن وهو يقرأ سورة (الجن) فاستمعوا له وآمنوا به، ولم يشعر بهم صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه: ¤ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ¤ وكانوا سبعة وقيل أكثر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد