إبحث في المدونة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات النبي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات النبي. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 14 يناير 2019

حماقة أبي جهل

The foolishness of Abu Jahl

لما عاد رسول الله آسفاً من عناد قومه وتشبثهم بالكفر قال أبو جهل: يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه آلهتنا. وإني أعاهد الله لأجلسن له غداً بحجر ما أطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه. ومن هذا تظهر شدة عداوة أبي جهل للنبي صلى الله عليه وسلم وهذه العداوة أخرجته عن حد العقل فأخذ يسلك سلوك الجهال ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذ النبي من شرّه ونجّاه من غدره.

كان أبو جهل فرعون هذه الأمة اسمه عمرو بن هشام، قتل يوم بدر كافراً وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة. قتله عمرو بن الجموح وابن عفراء الأنصاريان، وكانا حدثين وحديثهما في الصحيحين مشهور. وفي كتب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقتولاً قال: " قُتل فرعون هذه الأمة " وقد كان سيء الخلق فظا غليظ القلب. فمن ذلك أنه ظلم تاجراً قدم من زبيد بثلاثة أجمال حسان فسامها منه أبو جهل بثلث أثمانها ثم لم يسمها لأجله سائم فأكسد عليه سلعته ولم ينصفه غير السول صلى الله عليه وسلم لأنه ساومه حتى ألحقه برضاه وأخذها رسول الله فباع جملين بالثمن وأفضل بعيراً باعه وأعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه.
وكان أبو جهل وصيّاً على يتيم فأكل ماله وطرده فاستعان اليتيم بالنبي صلى الله عليه وسلم فمشى معه ورد إليه ماله منه.

وابتاع من شخص يقال له الأراشي أجمالا بأثمانها فلما استعان الرجل برسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له أنه غريب وابن سبيل وأن أبا جهل غلبه على حقّه قالم معه إلى أبي جهل وضرب عليه بابه فقال: من هذا؟ قال: محمد. وخرج اليه وقد امتقع لونه. فقال: اعط هذا الرجل حقه فامتلأ رعبا وأعطى الرجل حقه. 

هذا هو أبو جهل وهذا شيء من غلظته وجوره وهضمه للحقوق.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الثلاثاء، 1 يناير 2019

النبي محمد رسول الله الأمي

illiterate prophet Mohamed Messenger


أول ما نزل على سيدنا محمد رسول الله ¤ إِقرَأ ¤ كما صح ذلك عن عائشة رضي الله عنها وري ذلك عن أبي موسى الأشعري، وعبيد بن عمير. قال النووي: وهو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف. وقوله:" ما أنا بقاري " أي أني أمّي لا أقرأ الكتب. قال الزجاج: الأمي الذي على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب فهو على جبلته. وفي التنزيل العزيز: ¤ وّمِنهُم أُمِّيُّونَ لاَ يَعلَمُونَ الكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيّ ¤. فمعنى الأميين في هذه الآية الذين لا معرفة لهم بقراءة ولا كتابة.

قال أبو إسحاق: معنى الأمي المنسوب إلى ما عليه جبلة أمه أي لا يكتب وهو في أنه لا يكتب أمي لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نسب إلى ما يولد عليه. أي ما ولدته أمه عليه. وكانت الكتابة في العرب من أهل الطائف تعلموها من رجل من أهل الحيرة وأخذها أهل الحيرة عن أهل الأنبار. وفي الحديث: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " أراد على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فيهم على جبلتهم الأولى. وفي الحديث: " بعثت إلى أمة أمية " قيل: للعرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة. هذا معنى كلمة ( أمي ) في اللغة العربية وهكذا كان يفهمها العرب.

قال تعالى: ¤ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ¤ وقال تعالى: ¤ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ ¤. قال الفخر الرازي في تفسيره: ( فالعرب أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرأون والنبي عليه الصلاة والسلام كان كذلك، فلهذا السبب وصفه بكونه أميّاً.
قال أهل التحقيق: وكونه أميا بهذا 
 التفسير كان من جملة معجزاته وبيانه من وجوه:

الأول: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ عليهم كتاب الله تعالى منظوما مرة بعد أخرى من غير تبديل ألفاظه ولا تغيير كلماته. والخطيب من العرب اذا ارتجل خطبة ثم أعادها فإنه لا بد أن يزيد بالقليل والكثير. ثم انه عليه الصلاة والسلام - مع أنه ما كان يكتب وما كان يقرأ - يتلو عليهم كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير فكان ذلك من المعجزات، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ¤ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ¤.

الثاني: أنه لو كان يحسن الخط والقراءة لصار متهما في أنه ربما ق طالع الأولين فحصل هذه العلوم من تلك المطالعة. فلما أتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم ولا مطالعة كان ذلك من المعجزات، وهذا هو المراد من قوله تعالى: ¤ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ  إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ¤. 

الثالث: أن تعلم الخط شيء سهل فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلمون الخط بأدنى سعي. فعدم تعلمه يدل على نقصان كبير في الفهم. ثم إنه تعالى آتاه علوم الأولين والآخرين وأعطاه من الحقائق ما لم يصل اليه أحد من البشر ومع تلك القوة العظيمة في العقل والفهم جعله بحيث لم يتعلم الخط الذي الذي يسهل تعلمه على أقل الخلق عقلا وفهما فكان الجميع بين هاتين الحالتين المتضادتين جاريا مجرى الجمع بين الضدين وذلك من الأمور الخارقة للعادة وجار مجرى المعجزات.

وقد طالع صاحب كتاب رسول الله ما كتبه الذين تعرضوا لهذا البحث من الإفرنج الذين ترجموا حياة النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت تخبطا مدهشا فقد بحث الأستاذ نولدكه الألماني في كتابه ( تاريخ القرآن ) هل كان النبي يعرف القراءة والكتابة؟ فلم يجزم بشيؤ بيد أنه زعم أن لفظه (أمي) المذورة في القرآن الكريم لا تدل على أنه يجهل القراءة والكتابة بل تفيد أنه لا يعرف الأسفار القديمة.

والثابت من التاريخ والقرآن والحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف القراءة والكتابة بالرغم من أن بعض المستشرقين يحاولون أن يثبتوا عكس ذلك من غير برهان. إنما هم يستنتجون بعقولهم. ليتعجبوا ما شاؤوا من أميته ولكن يجب عليهم أن يعترفوا بأنه ما كان يعرف القراءة والكتابة. وجاء في قاموس الإسلام:
" ومع ذلك فمن المحقق أنه ( النبي صلى الله عليه وسلم ) كان يتظاهر بأنه يجهل القراءة والكتابة كي يجعل إنشاء القرآن معجزاً ".
فهل بعد ذلك تعسف! لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب لتحدث بذلك أصحابه أو أعداؤه، ولما أمكن أن يكون سرا مكتوما طول حياته خصوصا أن جميع صفاة النبي وأعماله قد روتها الصحابة بالتفصيل حتى خصوصياته في منزله مع نسائه. على أن المنصفين من مؤرخي الإفرنج وفلاسفتهم قد اعترفوا بأميته فمن ذلك ما كتبه المسيو سيديو في كتابه ( تاريخ العرب ) الجزء الأول، صفحة 59 من الطبعة الثانية.
"ولما كلن ( رسول الله صلى الله علسيه وسلم ) غير متعلم مثل أبناء وطنه كان لا يعرف القراءة ".

وقال الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل في كتاب الأبطال الذي عني بترجمته الأستاذ محمد السباعي رحمه الله: 
"  ثم لا ننسى شيئا آخر هو أنه لم يتلق دروسا على أستاذ أبدا وكانت صناعة الخط حديثة العهد إذ ذاك في بلاد العرب. ويظهر لي أن الحقيقة هي أن محمدا لم يكن يعرف الخط والقراءة وكل ما تعلمه عيشة الصحراء وأحوالها ".

وجاء في كتاب الإسلام تأليف الكونت هنري دي كاستري ترجمة المرحوم أحمد فتحي زغلول باشا:
" إن محمدا ما كان ليقرأ أو ليكتب بل كان - كما وصف نفسه مرارا - نبيا أميا، وهو وصف لم يعلرضه فيه أحد من معاصريه، ولا شك أنه يستحيل على في الشرق أن يتلقى العلم بحيث لا يعلمه الناس لأن حياة الشرقيين كلها ظاهرة للعيان، على أن القراءة والكتابة كانت معدومة في ذلك الحين من تلك الأقطار..."

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميا احتاج الى كتاب يكتبون له وقد ذكرهم الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق، وروى ذلك كله بأسانيده وهم:
أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعثمان وعلي، والزبير، وأبيّ بن كعب بن قيس وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن مسلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وأبان بن سعيد بن العاص وأخوه خالد بن سعيد وثابت بن قيس، وحنظلة بن الربيع، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الأرقم، وعبدالله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن عتبة، والمغيرة بن شعبة، والسجل، وزاد غيره شرحبيل بن حسنة. قالوا: وكان أكثرهم كتابة زيد بن ثابت ومعاوبة رضي الله عنهم.

وسيأتي في غزوة أحد أن العباس كان بمكة وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابا يخبرهم بجمع قريش وخروجهم، فلما جاء كتاب العباس وكان أرسله مع رجل من بني غفار، فك رسول الله صلى الله عليه وسلم ختمه ودفعه لأبيّ بن كعب فقرأ عليه فاستكتم أبيّاُ.

فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف القراءة لما لما دفع كتابا يحوي أخبارا سرية إلى أحد لقراءته.
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : كنت جار رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إليّ فكتبت له.

وذكر ابن ماكولا أن تميم بن جراسة وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه أنه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فأسلمنا وسألناه أن يكتب لنا كتابا فيه شروط فقال: اكتبوا ما بدا لكم ثم ائتوني به فسألناه في كتابنا أن يحل لنا الربا والزنا فأبى عليّ أن يكتب لنا فسألنا خالد بن سعيد بن العاص فقال له عليّ: تدري ما تكتب؟ قال: أكتب ما قالوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بأمره. فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال للقاريء: " اقرأ " فلما انتهى الى الربا قال: ضع يدي عليها فوضع يده فقال: ¤ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ¤ ثم محاها وألقيت علينا السكينة فما راجعناه فلما بلغ " الزنا " وضع يده عليها وقال: ¤ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ¤. ثم محاها وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا.

وقد زعم بعضهم أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتلو الكتب الدينية القديمة ومنها استقى معلوماته، وهذا الزعم لا أساس له، إذ لم يكن في جزيرة العرب كتب دينية باللغة العربية في ذلك الوقت. ومن المؤكد أنه ما كان يعرف أي لغة من اللغات الأجنبية.

وقد قيل أيضا: إنه صلى الله عليه وسلم اقتبس بعض تعاليم المسيحية أثناء سفره إلى الشام عندما كان يتاجر، وبديهي أن التاجر العربي الذي لا يعرف اللغة الآرامية واليونانية كان يتعذر عليه الحصول على معلومات دينية من مسيحي الشام. أما الذين كانوا يتكلمون العربية من هؤلاء المسيحيين فقد كانوا جهالا أميين.

وأما ما قيل من أن ورقة بن نوفل ترجم جزءا من الكتب المسيحية إلى العربية فغير محتمل بالمرة، ومع ذلك يزعم درمنغم في كتابه ( حياة محمد ) أن ورقة ترجم الأناجيل إلى العربية وهذا رغم لا أساس له إنما هو مجرد ظن.

فالمستشرقون الذين زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة غضوا الطرف عن الآيات التي صرحت بأنه كان أميا. ذلك لأنهم وجدوا أن القرآن معجز ويحتوي على قصص الماضين وعلى شريعة عظيمة فاقت كل الشرائع وفيه عظات بالغة وحكم وأمثال رائعة وأن أبناء هذا العصر مع تقدم العلوم والفنون وانتشار الجامعات لم يستطيعوا أن يضعوا شريعة للناس كالشريعة الإسلامية ولا آدابا وأخلاقا كالآداب والأخلاق الواردة في القرآن، فهالهم الأمر وتحيروا وقالوا في أنفسهم: من جاء لمحمد صلى الله عليه وسلم هذا العلم كله، وكيف كان أميا؟ فإن قيل لهم هذا دليل على نبوته وأنه صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه، لم يسلموا - لأنهم لو سلموا بنزول الوحي عليه لزمه التصديق برسالته تخلصا من هذا المأزق، ونفوا عنه الأمية وقالوا إنه كلن يقرأ ويكتب ويتلو الكتب القديمة ولما وجدوا أن التاريخ لا يساعدهم على هذا الزعم لأن معاصريه صلى الله عليه وسلم أقروا أنه كان أميا وأن ذلك يطابق ما جاء في القرآن، قال قائلهم: إنه كان يخفي أمره ويكتم عن الناس ( وعن الناس جميعا حتى عن زوجاته وأولاده وجميع أصحابه )! علمه بالقراءة والكتابة. وهذا قول مضحك لأن الذي يقرأ ويكتب لا بد أن يراه أحد بل يراه كثير من الناس، فإن هذا أمر لا يمكن إخفاؤه كالأكل والشرب. هذه الحقيقة وهذا ما نعتقد وما يجب أن يعتقده كل باحث في السيرة المحمدية والشريعة الإسلامية.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الاثنين، 31 ديسمبر 2018

النبي المنتظر محمد رسول الله

Mohamed Messenger expected

اتفق مؤرخوا العرب وأصحاب السير أن أهل الكتاب كانوا ينتظرون ظهور نبيّ في ذلك الزكان وكانوا يعلمون أوصافه وأحواله، من ذلك أنهم ذكروا:
(1) أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقاً وسطيحاً كانا كاهنين يخبران بظهور نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره.

(2) قصة حليمة السعدية وأنها كانت تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود كلما مر بها جماعة منهم وتحدثهم بشأنه فكانوا يحضون على قتله فتهرب منهم.

(3) أنهم اتفقوا على أن بحيرا الراهب عرف الرسول صلى الله عليه وسلم بعلامات فيه وقال لأبي طال: ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت لَيَبغُنَّهُ شَرًّا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده.

(4) في سيرة ابن هشام فصل عن انذار يهود برسول الله نقلا عن رواية ابن اسحاق فليراجع في موضعه وقد أورد في هذه المدوّنة.

(5) قصة سلمان الفارسي الذي أسلم بعد أن استدل على رسول الله بعلامات كان يعرفها من الراهب الذي صحبه أخيرا. وقصة اسلام سلمان مشهورة ومذكورة في المصادر المعتبرة التي يعوّل عليها المؤرخون ولا يمكن أن تكون مختلفة، فقد رواها ابن عباس عن لسان سلمان الفارسي نفسه. والقصة مذكورة في هذه المدوّنة أيضا لأهمّيتها.

(6) اسلام عبد الله بن سلام بن الحارث فإنه كان حَبراً عالماً. قال: سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له فكنت مسرًّا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى آخر ما قال مما هو مذكور في هذه المدوّنة نقلا عن سيرة ابن هشام.

(7) كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث في العرب اسمه محمد فسمى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة، وقد ذكرت في مدونتي أسماء بعضهم نقلا عن كتاب رسول الله للمؤلف محمد رضا نقلا عن طبقات ابن سعد كاتب الواقدي.

(8) ما جاء في صحيح البخاري في باب بدء الوحي من أن ورقة بن نوفل ( ذلك الشيخ العالم بالنصرانية والذي كان يكتب الإنجيل بالعبرانية ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرضته عليه خديجة : " هذا الناموس الذي نزل على موسى "... الخ

(9) أن التبي صلى الله عليه وسلم لما جمع بني قينقاع - وهم طائفة من اليهود - قال لهم: " يا معشر اليهود احذروا من الله عزّ وجلّ مثلما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم عرفتم أني نبيّ مرسل تجدون ذلك في كتابكم وفي عهد الله إليكم ".

(10) كان قيس بن نُشبَة في الجاهلية منجما متفلسفا واعدًا بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال له: يا محمد ما كَحلَة؟ فقال: السّماء. قال: وما مَحلَة؟ فقال: الأرض. فآمن به وقال: لا يعرف هذا الا نبيّ. فقال قيس في ذلك.

تابعت دين محمد ورضيته ....... كل الرضا لأمانتي ولديني
مازلت آمله وأرقب وقته ....... والله قد أنه يهديني
أعني بن آمنة الأمين ومن به ....... أرجو التخلص من عذاب الهون

فكان قوم قيس اذا وردوا على النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهم: "كيف حبركم"؟.

كل هذا وغيره يؤيد أنهم كانوا ينتظرون نبيا يظهر في ذلك الزمان وليس ذلك بمستغرب فإن البشارة به صلى الله عليه وسلم قد وردت في التوراة والإنجيل وقد أثبتنا ذلك في موضوع سابق من هذه المدوّنة مستشهدين بآيات من الكتاب المقدّس المطبوع باللغة العربية فلا بد من أن أهل الكتاب في ذلك الزمان كانت لديهم كتب أخرى ألفها علماؤهم شرحا للكتاب المقدّس فاستقوا منها تلك المعلومات والعلامات التي عرفوا بها صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموطنه وزمنه واضطهاد قومه له وهجرته. إننا نرجح ذلك بل نؤكده لأننا إذا كنا قد استخرجنا من الكتاب المقدس المطبوع في أيامنا آياتنا تبشر برسالته صلى الله عليه وسلم وتصفه وتصف شريعته وموطنه وأصحابه فلا بد أن يكون أهل الكتاب قديما - ولا سيما العلماء منهم - قد اطلعوا في النسخ العبرية القديمة التي كانت لديهم، ولم نتوصل اليها، على معلومات أوفى خاصة بالرسول تعدّ غريبة بالنسبة لنا.

هذا ما يستنتجه المؤرّخ المنصف، بل هذا ما يتبادر إلى ذهن من تَتَبّع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما مستر موير فإنه انبرى في الجزء الثاني من كتابه يكذب جميع المصادر التاريخية ويرفض ما جاء فيها من أهل الكتاب كانوا ينتظرون نبيّاً يبعث. زاعما أن هذه الروايات لا أساس لها من الصحة وأنها من مخترعات المؤرخين لأنه لو اعترف بصحتها أو بصحة بعضها لوجب عليه أن يعترف برسالة النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حين أنه حاول في جميع ما كتبه واستنبطه إثبات أنه لم يكن نبيّاً بل كان رجلا يدَّعي النبوّة لبسط نفوذه!.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد