إبحث في المدونة

‏إظهار الرسائل ذات التسميات to. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات to. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 8 فبراير 2019

الهجرة إلى المدينة

VACATION MADINAH MEKKA MOHAMED

الهجرة إلى المدينة12 ربيع الأول سنة 622

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يرصدونه فأخذ حفنة تراب وجعل ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو قوله تعالى يـس إلى قوله: ¤ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ¤ ثم انصرف فلم يروه.
فلما أفاقوا من غشيتهم جعلوا يطلعون فيرون علياً نائماً وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: إن محمداً لنائم. فأقاموا بالباب يحرسون علياً يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقوم في الصباح. فلما أصبحوا قام علي عن الفراش فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري فعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نجا.

فأما علي فأقام بمكة حتى يؤدي ودائع النبي صلى الله عليه وسلم وقصد النبي صلى الله عليه وسلم دار أبي بكر رضي الله عنه وأعلمه بأن قد أذن له بالهجرة، فقال أبو كبر: الصحبة يا رسول الله. قال الصحبة فبكى أبو بكر رضي  الله عنه فرحاً واستأجر عبد الله بن أريقط الديلمي وكان مشركاً ليدل لهما إلى المدينة وينكب عن الطريق العظمى. ولم يعلم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر وعلي وآل أبي بكر، وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت منه، وذلك يوم الإثنين الظهر لثلاث وخمسين سنة من مولده 28 يونيو 622 م.

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين خروجه من مكة إلى المدينة: " اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إليّ فأسكني أحب البلاد لديك " رواه الحاكم في المستدرك وكان مدة مقامه بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة. ثم أتيا الغار الذي بجبل ( ثور ) على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع لهما بمكة ثم يأتيهما ليلاً وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاراً صم يأتيهما بها ليلاً ليأخذا حاجتهما من لبنها وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بطعامهما فأقاما في الغار ثلاثاً. 
ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال: هنا انقطع الأثر وإذا بنسيج العنكبوت على فم الغار وقد عششت على بابه حمامتان. فقالت قريش: ما وراء هذا الشيء. وجعلوا مئة ناقة لمن يرده عليهم. فلما مضت الثلاث وسكن الناس أتاهم دليلهما ببعيرين فأخذ أحدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر بالثمن لتكون هجرته الى الله بنفسه وماله رغبة منه عليه الصلاة والسلام في استكمال فضل الهجرة إلى الله تعالى. ثم ركبا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة يخدمهما على الطريق وأتتهما أسماء بسفرة لها وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ( ذات النطاقين ) حمل أبو بكر جميع ماله وكان نحو ستة آلاف درهم وبينما هما في الطريق مجردين من كل سلاح بصر بهما سراقة بن مالك بن جُعشم فاتبعهما ليردهما فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت: ( غاصت ) قوائم فرسه في أرض صلبة. فقال: ادع لي يا محمد ليخلصني الله أن أرد عنك الطلب فدعا له فخلصه. فعاد يتبعهما. فدعا عليه الثانية فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى. فقال: يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك عليّ فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ولك عهد الله أن أرد عنك الطلب. فدعا له فخلص وعاهدهم أن لا يقاتلهم ولا يخبر عنهم وأن يكتم عنهم ثلاث ليال. فرجع سراقة ورد كل من لقيه عن الطلب بأن يقول ما هاهنا.

وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:
" فبينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. قالت عائشة: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: أخرج من عندك فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال: فإني قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين، وأسماء بنت أبي بكر الصديق كانت أسن من عائشة وهي أختها لأبيها وكان عبد الله بن أبي بكر أخا أسماء شقيقها، قالت: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور ( جبل بمكة ) فكمنا فيه ثلاث ليالٍ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثَقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس. يفعل ذلك في كل يلة من تلك الليالي الثلاث.

واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل وهو من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس حلفاً في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فجاءهما براحاتبهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل قال سراقة بن جعشم: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره. فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفاً أسودة بالساحل  أراها محمداً وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أن أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي تقرب بي وعصيت الأزلام حتى إذا سمعت قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الإلتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذ لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان. فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومما وقع لهما في الطريق أنهما لقيا طلحة بن عبيد الله في الطريق وكان راجعاً من تجارة فحياهما وكساهما ثياباً بيضاً وقيل: لقيهما الزبير كذلك ولعلهما لقياهما معاًأو متعاقبين فكسواه وأبا بكر ما ذكر.

غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة مسقط رأسه بعد أن سخر به قومه ورفضوا دعوته وتمسكوا بعقيدتهم القديمة التي ألفوها ولم يحكموا عقولهم، ولم يعترفوا أن عبادة الأصنام من دون الله تعالى كفر. وليس بعد الكفر ذنب ولا بعد الشرك ضلال. قال تعالى: ¤ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ¤.

غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو آسف لفراق قومه بعد أن صبر على أذاهم وجاهد وكافح سنين طويلة، فغادرهم ذلك النور الساطع والعلم الواسع والهمة العالية والنفس الأبية والروح الطاهرة النقية والشخصية االجذابة المحبوبة والوجه المشرق الدائم الإبتسام والخلق العظيم والفم الذي لا ينطق على الهوى.

لقد غادرهم الرسول الأمين، الهادي إلى الصراط المستقيم، مبلغ رسالات رب العالمين. ولو علمت قريش الحقيقة وتخلوا عن التعصب، لتمسكوا بأهدابه وتعلقوا بأذياله واغترفوا من فيض علمه وبحور حكمته واهتدوا بهديه وتخلقوا بخلقه وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة.

إن الرسول بهجرته قد ترك مكة في ظلام دامس فلما وصل المدينة أشرقت أنواره في جميع أرجائها فخرج القوم يستقبلونه بالبشر والسرور ويتسابقون لمشاهدة وجهه الصبوح ويتبركون به ويستضيفونه ويستمعون إلى حكمه البالغة. وقد عبروا عن شعورهم بذلك النور بقولهم: ( طلع البدر علينا ).

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأحد، 27 يناير 2019

سفر محمد رسول الله إلى الطّائف

Travel Messenger God Taif Mohamed

سَفَرُ مُحَمَّدْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفْ

الطّائف بلدة في الحجاز على مسافة 65 ميلاً جنوباً شرقياً من مكة، وهي مشهورة بجودة مناخها وخصب أرضها وفواكهها ولا سيما العنب والبرقوق والرمّان والخوخ وبها مياه جارية ويضرب بعنبها المثل في الحسن وريما جمد الماء فيها في الشتاء. والجبل الذي هي عليه يقال له ( غزوان ) وهي مصيف أغنياء مكّة، ومقر عبادة العزى وقد سافر اليها النبي صلى الله عليه وسلم لثلاث بقين من شوال سنة عشر من المبعث ( يناير - فبراير 620 م ) ومعه مولاه زيد بن حارثة يلتمس من ثقيف النصرة فعمد الى جماعة من أشراف ثقيف ودعاهم الى الله فقال واحد منهم: أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟ وقال الآخر: والله لا أكلمك أبداً لأنك إن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك. 

وأغروا به سفهاؤهم وعبيدهم ويرمونه بالحجارة ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط وقد أدموا رجليه فلما اطمأن ورجع عنه السفهاء قال عليه الصلاة والسلام: " اللهم أشكو إليك ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس. اللهم يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتهجّمني أو إلى عدوٍّ ملّكته أمري، إن لم يكن بك عليّ عضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع، إني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل بي سخطك لك العتبى حتى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك " وهذا الدعاء مشهور بدعاء الطائف. 

فلما رآى ابنا ربيعة عتبة وشيبة ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركت له رحمهما فدعوا له غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس. فقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل فقل له أن يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال بسم الله. فنظر عداس الى وجهه ثم قال: والله ان هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلدة. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك؟ قال: أنا نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟ قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أخي كان نبياً وأنا نبيّ. فأكب عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه ورجليه. 

فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل. لقد خبرني يأمر لا يعلمه إلا نبي. فقالا: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه. ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعاً الى مكة حين يئس من خير ثقيف فوجد قومه أشدّ ما كانوا عليه من خلافة وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به. 

وفي الطبري: أن بعضهم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف مريداً مكة مر به بعض أهل مكة فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: هل أنت مبلغ عني رسالة أرسلك بها؟ قال: نعم. قال: آئت الأخنس بن شريق فقل له يقول لك محمد: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي؟ قال: فأتاه فقال ذلك. فقال الأخنس: إن الحليف لا يجير على الصريح. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. قال: تعود؟ قال: نعم. قال: آئت سهيل بن عمرو فقل له ان محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ قال: نعم فليدخل. فرجع اليه الرجل فأخبره. وأصبح المطعم قد لبس سلاحه وبنوه وبنو أخيه فدخلوا المسجد. فلما رآه أبو جهل قال: أمجير أم متابع. قال: قد أجرنا من أجرت. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأقام بها، فدخل يوماً المسجد الحرام والمشركون عند الكعبة فلما رآه أبو جهل قال: هذا نبيكم يا بني عبد مناف. قال عتبة بن ربيعة: وما تنكر أن يكون منا نبي أو ملك؟ فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعه قأتاهم فقال: أما أنت يا عتبة بن ربيعة فوالله ما حميت لله و لا لرسوله ولكن حميت لأنفك. وأما أنت يا أبا جهل فوالله لا يأتي عليك غير كبير من الدهر حتى تدخلوا فيما تنكرون وأنتم كارهون.

ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بالطائف عشرة أيام، وظاهر أن الذي دعاه الى السفر هو التماس النصرة، ولكنهم خذلوه وما التمس النصرة من ثقيف الا بعد أن توفي أبو طالب وخديجة. أضف الى ذلك أن فريقاً من المسلمين هاجروا الى الحبشة، ولما عاد من الطائف لم يستطع دخول مكة إلا بجوار رجل كالمطعم بن عدي.

وفي رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف مرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين اليمن وهو يقرأ سورة (الجن) فاستمعوا له وآمنوا به، ولم يشعر بهم صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه: ¤ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ¤ وكانوا سبعة وقيل أكثر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الثلاثاء، 22 يناير 2019

الهجرة الثانية الى الحبشة

Second migration to Abyssinia

لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكة من الهجرة الأولى ( بسبب اسلام عمر وإظهار الإسلام ) اشتدّ عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديداً فإذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرّة ثانية. 

فكانت خرجتهم الآخرة أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم، وتخوفوا من حماية دولة أجنبية قوية للمسلمين المهاجرين. فقال عثمان: يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة الى النجاشي ولست معنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنتم مهاجرون الى الله وإليّ لكم هاتان الهجرتان جميعاً " قال عثمان: فحسبنا يا رسول الله. 

وكان عدة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلاً ومن النساء إحدى عشرة امرأة قرشية وسبعاً غرائب، فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي في أحسن جوار. فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلاً ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.

إقرء المزيد

السبت، 19 يناير 2019

الهجرة الأولى الى الحبشة

First Immigration to Abyssinia

شهر رجب السنة الخامسة من المبعث ( سنة 615 م )

لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء والعذاب وما هو فيه من العافية لمكانه من الله عز وجل ودفاع أبي طالب عنه وأنه لا يقدر أن يمنعهم قال لهم: " لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن فيها ملكاً لا يُظلم أحد عنده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه ". ومكث هو فلم يبرح يدعو إلى الله سراً وجهراً.

وكان اسم النجاشي وقتئذٍ أصحمة بن أبجر، ومعنى أصحمة بالعربية عطية. والنجاشي اسم لكل ملك يلي الحبشة، وكان الأحباش مسيحيين نسطوريين فخرج المهاجرون متسللين سرّاً وذلك في شهر رجب سنة خمسة من بعد النبوّة ( سنة 615 م ).

وكان الذين خرجوا اتي عشر رجلا وأربع نسوة حتى حتى انتهوا الى الشعيبة، فمنهم الراكب والماشي، ووفق الله المسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة وخرجت قريش في أثرهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحداً. فكان خروجهم سِرّاً.

قالوا: قدمنا أرض الحبشة فجاورنا بها خير جار، أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئاً نكرهه، وكانت الحبشة متجراً لقريش يتجرون فيها ويجدون فيها رزقاً وأمناً حسناً.

كان عدد المهاجرين قليلا ولكن كان لهجرتهم هذه شأن عظيم في تاريخ الإسلام فإنها كانت برهاناً ساطعاً لأهل مكة على مبلغ إخلاص المسلمين وتفانيهم في احتمال ما يصيبهم من المشقّات والخسائر في سبيل تمسّكهم بعقيدتهم. وكانت هذه الهجرة الأولى مقدمة للهجرة الثانية إلى الحبشة ثم الهجرة إلى المدينة. وهذه أسماء المهاجرين والمهاجرات: 
عثمان بن عفان ومعه امرأته رقية بنت سول الله، أبو حذيفة بن عتبة ومعه امرأته سهلة بنت سهيل، مصعب بن عمير، الزبير بن العوام، عبد الرحمان بن عوف، أبو سلمة بن عبد الأسد ومعه امرأته أم سلمة، عثمان بن مظغون، عبد الله بن مسعود، عامر بن ربيعة ومعه امرأته ليلى بنت أبي هيشمة، أبو سبرة، حاطب بن عمرو، سهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأربعاء، 9 يناير 2019

الرد على مستر مرجوليوث

replay-to-Mr-Margolious


قدمنا أن عثمان بن عفان قد أسلم إجابة لدعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لكن الأستاذ مرجوليوث Margolious في كتابه محمد يزعم أن سبب إسلامه أنه كان يحب رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ويريد أن يتزوجها. فلما بلغه أنها خطبت لغيره حزن وأخبر أبا بكر بما بلغه وصادف مرور الرسول صلى الله عليه وسلم فأسرّ أبو بكر كلمات في أذن الرسول وبذلك انتهى الأمر وأسلم عثمان وتزوج رقية. ولم يذكر لنا مستر مرجوليوث المصدر الذي استقى منه هذا الخبر حتى نناقشه ونفنده فما كل رواية يؤخذ بها ويعوّل عليها. ثم يعرض بعد ذلك إلى خالد بن سعيد وسبب إسلامه. فقد كان خالد من السابقين إلى الإسلام فكان ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا في الإسلام. وسبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار فذكر من سعتها مالله أعلم به وكأنّ أباه يدفعه فيها ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحِقَويه لا يقع فيها ففزع من نومه وقال: أحلف إنها لرؤيا حق ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له. فقال أبو بكر: أريد بك خيراً، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار وأبوك واقع فيها فلقي سول الله صلى اللع عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى من تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه. وبعد أن ذكر مرجوليوث رؤيا خالد باختصار وتعبير أبي بكر لها وأن هذه الرؤيا كانت سبب إسلام خالد بن سعيد، تساءل، هل الناس حقيقة يحلمون هكذا؟ لكنه قال: " إن فلاماريون وميرز ( Flammarion and Myers ) يجيبان نعم إنهم يرون مثل ذلك " وهما من العلماء المشهورين. والمدهش أن الأستاذ مرجوليوث لا يعلم أن الناس يرون أحلاما هكذا مع إقرار علماء النفس في أوروبا وأمريكا بذلك. والأحلام على العموم شائعة بين الناس وليست رؤية خالد من الأحلام المستغربة حتى يشك فيها مثل مرجوليوث. أما إذا كان الشك لغرض فهذا أمر آخر.

إن الناس يرون أحلاما يتحقق بعضها وبعضها يحتاج إلى تأويل. ويستبعد جدّاً أن يقص انسان حلماً مختلقاً وليس للأحلام حدود أو ضوابط حتى يقال: إن هذا حلم وهذا ليس بحلم. فلا محل لتحكم مستر مارجوليوث واستنكاره رؤية خالد بن سعيد للنار. وهذا يوسف عليه السلام ورؤياه التي قصها على أبيه فقد تحققت بعد أربعين عاماً وما رآه الفتيان اللذان كانا معه في السجن مما ورد ذكره في القرآن فقد عبَّر يوسف عليه السلام رؤياهما وتحققت حسب تعبيره، إذ عاد أحدهما إلى مركزه السابق لدى الملك وأعدم الآخر. إلا أن مستر مرجوليوث غرضه التهم على الإسلام لا استنكار الأحلام. وهذا لا يليق بمستشرقٍ مثله.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الثلاثاء، 8 يناير 2019

دعوة الناس إلى الإسلام سرا

Hidden-Invitation-to-Islam

بعد أن نزلت سورة (المدثّر) أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله تعالى وتتابع الوحي. ونزول هذه السورة ابتداءُ رسالته صلى الله عليه وسلم فهي متأخرة عن نبوته، وصار عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى الإسلام سرا ( خفية ) ثلاث سنين لعدم الأمر بالإظهار إلى أن أمر بإظهار الدعوة وكان من أسلم إذا أراد الصلاة ذهب إلى بعض الشعاب ليستخفي بصلاته من المشركين حتى اطلع نفر من المشركين على سعد بن أبي وقاص وهو في نفر من المسلمين يصلون في بعض الشعاب فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون وقاتلوهم فضرب سعد رجلا منهم فشجّه وهو أول دم أهريق في الإسلام. فعند ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه دار الأرقم مستخفين بصلاتهم وعبادتهم إلى أن أمره الله تعالى بإظهار الدِّين. ودار الأرقم هي دار للأرقم بن أبي الأرقم من السابقين في الإسلام وهي في أصل الصفا.

وقد أسلم من الصحابة بدعاء أبي بكر: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا وهنا يجب أن نذكر شيئاً عنهم لرفعة شأنهم:

  1. فعثمان بن عفان هو الخليفة الثالث. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ويقال له ذو النورين لأنه تزوّج بتني الرسول صلى الله عليه وسلم رقية ثم أم كلثوم بعد وفاة رقية. ولد في السنة الثالثة بعد الفيل وقتل شهيداً يوم الجمعة لثمان عشرة خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن 82 سنة وكانت خلافته ثنتي عشرة سنة. وفي زمنه كانت غزوة الإسكندرية ثم سابور ثم افريقية ثم قبرس واصطخر الآخرة وفارس الأولى ثم خور وفارس الآخرة ثم طبرستان ودارا بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساودة في البحر وغيرهن ثم مرو. وكان رضي الله عنه حسن الوجه رقيق البشرة كث اللحية أسمر كثير الشعر بين الطول والقصير وكان محبّباً من قريش.
  2. الزبير بن العوام أمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ابن عنة الرسول صلى الله عليه وسلم وابن أخي خديجة بنت خويلد زوجة النبي وكان مره حين أسلم اثنتي عشرة سنة، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة في أحدهم: عثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمان بن عوف. هاجر الزبير إلى الحبشة ثم إلى المدينة وهو أول من سلّ سيفا في سبيل الله. شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة وحصار الطائف والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشهد اليرموك وفتح مصر. وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. وكان الزبير يوم الجمل قد ترك القتال وانصرف فلحقه جماعة من الغوغاء فقتلوه بوادي السباع بناحية البصرة وقبره هناك، قتل في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين وكان عمره حينئذٍ سبعا وستين وقيل ستا وستين سنة.
  3. عبد الرحمان بن عوف ولد بعد الفيل بعشر سنين قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وأحد الستة الذين هم أهل الشورى الذين أوصى اليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله بدرًا وأحداً والخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد. وجُرِح يوم أُحُد أحدى وعشرين جراحة وجرح في رجله وسقطت وسقطت ثنيتاه. وكان كثير الإنفاق في سبيل الله. أعتق في يوم واحداً وثلاثين عبداً. وكان كثير المال محظوظاً في التجارة، غنيّاً. وكان أبيض مشرباّ بحمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة أعين أهدب الأشفار أقنى له جمة ضخم الكفين غليظ الأصابع لا تغير بشعره. توفي سنة ثنتين وثلاثين وهو ابن ثنتين وسبعين ودُفن بالبقيع.
  4. سعد بن أبي وقاص - وكان عمره حين أسلم تسع عشرة سنة وهو أحد العشرة وأحد الستة أصحاب الشورى وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماً في سبيل الله هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها. شهد مع رسول الله بدراً وأُحُداً والخندق وسائر المشاهد وكان يقال له فارس الإسلام. وأبلى يوم أحد بلاءً شديداً وكان مجاب الدعوة. استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي بعثها إلى بلاد فارس، وكان أمير الجيش الذي هزم الفرس بالقادسية وبجلولاء وغنمهم وفتح مدائن كسرى وبنى الكوفة وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه العراق. ورمى سعد يوم أحد ألف سهم. ولما قتل عثمان رضي الله عنه اعتزل سعد الفتن فلم يقاتل في شيء من تلك الحروب. توفّي سنة خمس وخمسين بقصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة ودفن بالبقيع وكان آدم طوالاً ذا همة.
هذا جزء يسير من تراجم الخمسة الذين أسلموا بدعاء أبي بكر، وهم من الرجال الذين ذاع صيتهم في الإسلام لما قاموا به من جلائل الأعمال، وقد أسلم بعد هؤلاء: أبو عبيدة الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظغون وأخواه قادمة وعبد الله بن مظغون وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة وخباب بن الأرتّ حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود ومسعود بن القاري وهو مسعود بن ربيعة وسليط بن عمر وأخوه حاطب بن عمر وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، وامرأته أسماء بنت سلامة وخنيس بن حذافة بن قيس وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد بن جحش وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عُمَيس  وحاطب بن الحارث وغيرهم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

إقرء المزيد