إبحث في المدونة

الأربعاء، 9 يناير 2019

الرد على مستر مرجوليوث

replay-to-Mr-Margolious


قدمنا أن عثمان بن عفان قد أسلم إجابة لدعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لكن الأستاذ مرجوليوث Margolious في كتابه محمد يزعم أن سبب إسلامه أنه كان يحب رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ويريد أن يتزوجها. فلما بلغه أنها خطبت لغيره حزن وأخبر أبا بكر بما بلغه وصادف مرور الرسول صلى الله عليه وسلم فأسرّ أبو بكر كلمات في أذن الرسول وبذلك انتهى الأمر وأسلم عثمان وتزوج رقية. ولم يذكر لنا مستر مرجوليوث المصدر الذي استقى منه هذا الخبر حتى نناقشه ونفنده فما كل رواية يؤخذ بها ويعوّل عليها. ثم يعرض بعد ذلك إلى خالد بن سعيد وسبب إسلامه. فقد كان خالد من السابقين إلى الإسلام فكان ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا في الإسلام. وسبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار فذكر من سعتها مالله أعلم به وكأنّ أباه يدفعه فيها ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحِقَويه لا يقع فيها ففزع من نومه وقال: أحلف إنها لرؤيا حق ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له. فقال أبو بكر: أريد بك خيراً، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار وأبوك واقع فيها فلقي سول الله صلى اللع عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى من تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه. وبعد أن ذكر مرجوليوث رؤيا خالد باختصار وتعبير أبي بكر لها وأن هذه الرؤيا كانت سبب إسلام خالد بن سعيد، تساءل، هل الناس حقيقة يحلمون هكذا؟ لكنه قال: " إن فلاماريون وميرز ( Flammarion and Myers ) يجيبان نعم إنهم يرون مثل ذلك " وهما من العلماء المشهورين. والمدهش أن الأستاذ مرجوليوث لا يعلم أن الناس يرون أحلاما هكذا مع إقرار علماء النفس في أوروبا وأمريكا بذلك. والأحلام على العموم شائعة بين الناس وليست رؤية خالد من الأحلام المستغربة حتى يشك فيها مثل مرجوليوث. أما إذا كان الشك لغرض فهذا أمر آخر.

إن الناس يرون أحلاما يتحقق بعضها وبعضها يحتاج إلى تأويل. ويستبعد جدّاً أن يقص انسان حلماً مختلقاً وليس للأحلام حدود أو ضوابط حتى يقال: إن هذا حلم وهذا ليس بحلم. فلا محل لتحكم مستر مارجوليوث واستنكاره رؤية خالد بن سعيد للنار. وهذا يوسف عليه السلام ورؤياه التي قصها على أبيه فقد تحققت بعد أربعين عاماً وما رآه الفتيان اللذان كانا معه في السجن مما ورد ذكره في القرآن فقد عبَّر يوسف عليه السلام رؤياهما وتحققت حسب تعبيره، إذ عاد أحدهما إلى مركزه السابق لدى الملك وأعدم الآخر. إلا أن مستر مرجوليوث غرضه التهم على الإسلام لا استنكار الأحلام. وهذا لا يليق بمستشرقٍ مثله.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الثلاثاء، 8 يناير 2019

دعوة الناس إلى الإسلام سرا

Hidden-Invitation-to-Islam

بعد أن نزلت سورة (المدثّر) أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله تعالى وتتابع الوحي. ونزول هذه السورة ابتداءُ رسالته صلى الله عليه وسلم فهي متأخرة عن نبوته، وصار عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى الإسلام سرا ( خفية ) ثلاث سنين لعدم الأمر بالإظهار إلى أن أمر بإظهار الدعوة وكان من أسلم إذا أراد الصلاة ذهب إلى بعض الشعاب ليستخفي بصلاته من المشركين حتى اطلع نفر من المشركين على سعد بن أبي وقاص وهو في نفر من المسلمين يصلون في بعض الشعاب فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون وقاتلوهم فضرب سعد رجلا منهم فشجّه وهو أول دم أهريق في الإسلام. فعند ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه دار الأرقم مستخفين بصلاتهم وعبادتهم إلى أن أمره الله تعالى بإظهار الدِّين. ودار الأرقم هي دار للأرقم بن أبي الأرقم من السابقين في الإسلام وهي في أصل الصفا.

وقد أسلم من الصحابة بدعاء أبي بكر: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا وهنا يجب أن نذكر شيئاً عنهم لرفعة شأنهم:

  1. فعثمان بن عفان هو الخليفة الثالث. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ويقال له ذو النورين لأنه تزوّج بتني الرسول صلى الله عليه وسلم رقية ثم أم كلثوم بعد وفاة رقية. ولد في السنة الثالثة بعد الفيل وقتل شهيداً يوم الجمعة لثمان عشرة خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن 82 سنة وكانت خلافته ثنتي عشرة سنة. وفي زمنه كانت غزوة الإسكندرية ثم سابور ثم افريقية ثم قبرس واصطخر الآخرة وفارس الأولى ثم خور وفارس الآخرة ثم طبرستان ودارا بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساودة في البحر وغيرهن ثم مرو. وكان رضي الله عنه حسن الوجه رقيق البشرة كث اللحية أسمر كثير الشعر بين الطول والقصير وكان محبّباً من قريش.
  2. الزبير بن العوام أمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ابن عنة الرسول صلى الله عليه وسلم وابن أخي خديجة بنت خويلد زوجة النبي وكان مره حين أسلم اثنتي عشرة سنة، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة في أحدهم: عثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمان بن عوف. هاجر الزبير إلى الحبشة ثم إلى المدينة وهو أول من سلّ سيفا في سبيل الله. شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة وحصار الطائف والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشهد اليرموك وفتح مصر. وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. وكان الزبير يوم الجمل قد ترك القتال وانصرف فلحقه جماعة من الغوغاء فقتلوه بوادي السباع بناحية البصرة وقبره هناك، قتل في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين وكان عمره حينئذٍ سبعا وستين وقيل ستا وستين سنة.
  3. عبد الرحمان بن عوف ولد بعد الفيل بعشر سنين قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وأحد الستة الذين هم أهل الشورى الذين أوصى اليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله بدرًا وأحداً والخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد. وجُرِح يوم أُحُد أحدى وعشرين جراحة وجرح في رجله وسقطت وسقطت ثنيتاه. وكان كثير الإنفاق في سبيل الله. أعتق في يوم واحداً وثلاثين عبداً. وكان كثير المال محظوظاً في التجارة، غنيّاً. وكان أبيض مشرباّ بحمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة أعين أهدب الأشفار أقنى له جمة ضخم الكفين غليظ الأصابع لا تغير بشعره. توفي سنة ثنتين وثلاثين وهو ابن ثنتين وسبعين ودُفن بالبقيع.
  4. سعد بن أبي وقاص - وكان عمره حين أسلم تسع عشرة سنة وهو أحد العشرة وأحد الستة أصحاب الشورى وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماً في سبيل الله هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها. شهد مع رسول الله بدراً وأُحُداً والخندق وسائر المشاهد وكان يقال له فارس الإسلام. وأبلى يوم أحد بلاءً شديداً وكان مجاب الدعوة. استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي بعثها إلى بلاد فارس، وكان أمير الجيش الذي هزم الفرس بالقادسية وبجلولاء وغنمهم وفتح مدائن كسرى وبنى الكوفة وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه العراق. ورمى سعد يوم أحد ألف سهم. ولما قتل عثمان رضي الله عنه اعتزل سعد الفتن فلم يقاتل في شيء من تلك الحروب. توفّي سنة خمس وخمسين بقصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة ودفن بالبقيع وكان آدم طوالاً ذا همة.
هذا جزء يسير من تراجم الخمسة الذين أسلموا بدعاء أبي بكر، وهم من الرجال الذين ذاع صيتهم في الإسلام لما قاموا به من جلائل الأعمال، وقد أسلم بعد هؤلاء: أبو عبيدة الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظغون وأخواه قادمة وعبد الله بن مظغون وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة وخباب بن الأرتّ حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود ومسعود بن القاري وهو مسعود بن ربيعة وسليط بن عمر وأخوه حاطب بن عمر وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، وامرأته أسماء بنت سلامة وخنيس بن حذافة بن قيس وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد بن جحش وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عُمَيس  وحاطب بن الحارث وغيرهم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

إقرء المزيد

قصة إسلام زيد بن حارثة

story of Islam Zaid bin Haritha

زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي. ويقع في نسبه خلاف وتغيير وزيادة ونقص وهو أشهر موالي رسول الله. ويقال له: حب رسول الله وهبته خديجة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه وذلك أن أباه قد وجد ( حزن ) لفقده وجداً شديداً وكان قد أخذ في السبي. فلما علم أبوه أنه بمكة قدمها ليفديه فدخل حارثة وأخوه كعب على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه! جئناك في ابننا عندك فاكنن علينا وأحسن علينا في فدائه. فقال: " من هو"؟ قالا: زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فهلا غير ذلك "؟ قالا: ما هو؟ قال: " ادعوه وخيروه فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً ". قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " هل تعرف هؤلاء "؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي. قال: " فأنا من قد عرفت ورأيت صحبتي فاخترني أو اخترهما ". قال: ما أريدهما وما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك؟ قال: نعم. ورأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: " يا من حضر اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه ". فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا.

وهاجر زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وشهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المؤمنين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين وزوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن فولدت له أسامة، وتزوج زينب بنت جحش أم المؤمنين ثم طلقها ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ¤ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ¤ إلى قوله تعالى: ¤ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا ¤ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها - يعني زينب - قالوا: إنه تزوّج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى: ¤ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ¤ وكان زيد يقال له زيد بن محمد فأنزل الله تعالى : ¤ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ¤.

قال العلماء: ولم يذكر الله عزّ وجلّ في القرآن باسمه العلم من أصحاب نبينا وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم إلا زيداً في قوله تعالى: ¤ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ¤.

وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة، وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم أخيرا أميراً على الجيش في غزوة مؤتة فقاتل فيها حتى قُتل وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان زيد أبيض أحمر وكان إبنه أسامة آدم شديد الأدمة ( أي أسمر ). 

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا 
إقرء المزيد

الاثنين، 7 يناير 2019

قصةّ قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

story of killing Ali bin Abi talib

انتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبدالرحمان بن ملجم المرادي وهو من حمير وعداده في بني مراد وهو حليف بني جلبة، من كندة، والبرك بن عبدالله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، واجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة عليّ بن أبي طالب ومعاوية وعمرو بن العاص ويريحون العباد منهم. فقال ابن ملجم: أنا لكم بعليّ، وقال البرك: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن يكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا عليه وتواثقوا ألا ينكص منهم رجل عن صاحبه الذي سمِّي له ويتوجّه له حتى يقتله أو يموت دونه. فحددوا ليلة سبع عشرة من رمضان ثم توجّه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه. 

فقدم عبدالرحمان بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه فزار يوما نفراً من بني تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت صخبة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب وكان عليّ قتل أباها وأخاها بالنهروان فأعجبته فخطبها. فقالت: لا أتزوجك حتى تسمي لي. فقال: لا تسأليني شيئاً إلا أعطيتك. فقالت: ثلاثة آلاف وقتل عليّ بن بي طالب. فقال: والله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل عليّ وقد أعطيتك ما سألت.

ولقي بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه أن يكون معه فأجابه الى ذلك وظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليّاً في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى طلع الفجر. فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقام ابن ملجم الكندي وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا في مقابل السدة التي يخرج منها عليّ. فلما خرج اعترضه الرجلان فضرب الإثنان بسيفيهما، فأما سيف بن ملجم فأصاب جبهتخ إلى قرنه ووصل إلى دماغه وكان صد سن سيفه شهرا. وأما سيف شبيب فوقع في الطاق فسمع عليّ يقول لا يفوتنكم الرجل وشد المناس عليهما من كل جانب.

فأما شبيب فأفلت وأخذ بن ملجم فأُدخل على عليّ فقال: " أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعش فأنا ولي دمي عفو أوقصاص، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند ربّ العالمين " ضرب علي رضي الله عنه في السابع من شهر رمضان سنة أربعين  ( 24 يناير سنة 661 ). واستشهد بعد ذلك بثلاثة أيام ودفن بالكوفة ليلة الأحد التاسع عشر من شهر رمضان وغسله الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر. وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الأصح، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

قال عليّ الباقر: كان عليّ آدم اللون مقبل العينين عظيمهما ذا بطن أصلع ربعة لا يخضب. وقال أبو إسحاق السبيعي: رأيته أبيض الرأس واللحية وكان ربما خضب لحيته وقال أبو رجاء العطاري: رأيت عليّاً ربعة ضخم البطن كبير اللحية قد ملأت صدره أصلع شديد الصلع. 

هذا وقد اقتصرت في في تاريخ حياة عليّ رضي الله عنه على هذا القدر الضروري لأن المقام لا يسع أكثر من ذلك 

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الأحد، 6 يناير 2019

قصّة إسلام عليّ بن أبي طالب

story of Islam Ali bin Abi talib

علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولد سنة 600 - 601 بعد الميلاد.

وأم عليّ فاطمة بنت أسد بن هاشم وكنيته أبو الحسن وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة وأبو السِبطين. وهو أول هاشمي ولد من هاشميين. والخليفة الرابع وأول خليفة بني هاشم وكان حين أسلم لم يبلغ الحلم. وقال ابن اسحاق إنه كان يومئذ ابن عشر سنين وكان في كفالة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه لأن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب كثير العيال قليل المال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّاً وضمه إليه وأخذ العباس حتى أسلم واستغنى عنه.

وسبب اسلامه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خديجة رضي الله عنها وهما يصليان سواء. فقال: ما هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله، فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وإلى عبادته والكفر باللات والعزى ". فقال علي رضي الله عنه: هذا أمر لم أسمع به من قبل اليوم فست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب. وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي سره قبل أن يستعلن أمره، فقال له: " يا عليّ إذا لم تسلم فاكتم هذا ". فمكث علي ليلته ثم ان الله تعالى هداه إلى الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم على يديه، وكان علي رضي الله عنه يخفي إسلامه خوفا من أبيه إلى أن اطلع عليه وأمره بالثبات عليه فأظهره حينئذٍ. أما أبو طالب فلم يرض أن يفارق دين آبائه، وعن أنس بن مالك قال: بُعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين وأسلم عليّ يوم الثلاثاء، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه ليلة خرج مهاجرا وقال: إن قريشا لم يفقدوني ما رأوك فاضطجع فراشه. وسيأتي ذكر ذلك عند الكلام عن الهجرة. ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بع قضاء ديون رسول الله وردّ الودائع التي كانت عنده. فلما وصل اليها كانت قدماه قد ورمتا من المشي وكانتا تقطران دماً فاعتنقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى رحمة لما أصاب قدميه وتفل في يديه ومسح بهما رجليه ودعا له بالعافية فلم يشتكهما حتى استشهد رضي الله عنه. وشهد بدراً وغيرها من المشاهد، ولم يشهد غزوة تبوك لا غير لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله. وأصابتع يوم أحد ستة عشرة ضربة. وكان علي رضي الله عنه مع شجاعته الفائقة عالماً.

واستخلف عليّ رضي الله عنه، وبويع بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان وذلك في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ( 24 يونيه 656 ).

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

السبت، 5 يناير 2019

كلمات أبو بكر الصديق رضي الله عنه المأثورة

impressed words abu bakr


كان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يقول:
" أليس الكياسة التقوى، وأحمق الحمق الفجور، وأصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة إن العبد إذا دخلة العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة. ليتني كنت شجرة يعضد ثم تؤكل. وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد ".

وقال: " لا خير في قول لا يراد به وجه الله ولا في مال لا ينفق منه في سبيل الله. ولا في من يغلب جهله حمله. ومن لا يخاف في الله لومة لائم ".

" وجدنا الكرم في التقوى والغناء في اليقين والشرف في التواضع ".
" من مقت نفسه في ذات الله، أمنه الله من مقته ".
" فاو بالمروءة من امتطى التغافل، وهان على القربى من عرف باللجاج ".
" إياكم والفخر، وما فخر من خلق من تراب ثم اليه يعود ثم يأكله الدود ".
" لا خير في خير بعده نار، ولا شر في شر بعده الجنة ".

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الجمعة، 4 يناير 2019

قصة إسلام أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه

story Islam Abu Bakr

هو عبد لله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لُؤي القرشي التيمي.

ولد أبو بكر الصديق سنة 573 ميلادية وهو أول الخلفاء وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وهي ابنة عم أبي قحافة وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار وفي الهجرة والخليفة بعده. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه عمر وعثمان وعلي وعبد الرحمان بن عوف وابن مسعود وابن عمر واين عباس وحذيفة وزيد بن ثابت وغيرهم.

وقد اختلف في اسمه فقيل: كان عبد الكعبة فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله. وقيل إن أهله سموه عبد الله ولا يبعد ذلك لأن التسمية بعبد الله كانت موجودة قبل الإسلام ويقال له عتيق أيضا. واختلفوا في السبب الذي قيل له لأجله ( عتيق ) فقال بعضهم: قيل له عتيق لحسن وجهه وجماله. قاله الليث بن سعد وجماعة معه. وقال الزبير بن بكار وجماعة معه إنما قيل له عتيق لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به. وقيل: إنما سني عتيقا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أنت عتيق الله من النار " فيومئذٍ سمي عتيقا وقيل له: ( الصدّيق ) أيضا. قالت عائشة رضي الله عنها: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان قد أمن وصدق وفتنوا به. فقال أبو بكر: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك. أصدقه بخبر السماء غدوه أو روحة. فلذلك سُمِّي أبو بكر الصديق. وقال أبو محجن الثقفي:

وسميت صديقا وكل مهاجر ....... سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت الى الإسلام والله شاهد ....... وكنت جبيسا في العريش المشهر

وكان رضي الله عنه صديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وهو أصغر منه سنا بثلاث سنوات، وكان يكثر غشيانه في منزله ومحادثته وقيل: كُنِّيَ بأبي بكر لإبتكاره الخصال الحميدة فلما أسلم آزر النبي صلى الله عليه وسلم في نصر دين الله تعالى بنفسه وماله وكان له لما أسلم أربعون ألف درهم أنفقها في سبيل الله مع ما كسب من التجارة. قال الله تعالى: ¤ وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى ¤ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ¤ وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ¤. وقد أجمع المفسرون على أن المراد منه أبو بكر.

قال الفخر الرازي ردًّا على من قال إنها نزلت في حق علي رضي الله عنه: ولما ذكر ذلك بعضهم في محضري قلن: أقيم الدلالة العقلية على أن المراد من هذه الآلة أبو بكر.

وتقريرها: أن المراد من هذا الأتقى هو أفضل الخلق فإذا كان كذلك وجب أن يكون المراد هو أبو بكر فهاتان المقدمتان متى صحتا صح المقصود إلى أن قال: لأن الأمة مجمعة على أن أفضل الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إما أبو بكر أو عليّ ولا يمكن حمل هذه الآية على عليّ بن أبي طالب فتعين حملها على أبي بكر. وإنما قلنا: لا يمكن حملها على علي بن أبي طالب لأنه قال في صفة هذا الأتقى: " وما لأحد عنده من نعمة تجزى " وهذا الوصف لا يصدق على عليّ بن أبي طالب لأنه كان في تربية النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أخذه من أبيه وكان يطعمه ويسقيه ويكسوه ويربيه وكان الرسول منعما عليه نعمة يجب جزاؤها. أما أبو بكر فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عليه نعمة دنيوية بل أبو بكر كان ينفق على الرسول صلى الله عليه وسلم. بل كان للرسول عليه السلام عليه نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين إلا أن هذا لا يجزي لقوله تعالى: ¤ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ ¤ والمذكور هاهنا ليس مطلق النعمة بل نعمة تجزى فعلمنا أن هذه الآية لا تصلح لعلي رضي الله عنه.

كان أبو بكر رضي الله عنه من رؤساء قريش في الجاهلية محببا فيهم مؤلفا لهم وكان إليه الأشناق في الجاهلية كان إذا حمل شيئا صدقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه فلما جاء الإسلام سبق اليه وأسلم على يده جماعة لمحبتهم له وميلهم إليه حتى إنه أسلم على يده خمسة من العشرة وقد ذهب جماعة إلى أنه أول من أسلم.
قال الشعبيّ: سألت ابن عباس من أول من أسلم؟ قال: أبو بكر أما سمعت قول حسان:

إذا تذكرت شجواّ من أخي ثقة ....... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعل
خير البرية أتقاها وأعدلها ....... بعد النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده ....... وأول الناس قدما صدّق الرسلا

وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر وكان تاجرا ذو ثروة طائلة وكريما حسن المجالسة عالما بتعبير الرؤيا، ولما أسلم جعل يدعو الناس إلى الإسلام. قال ابن اسحاق: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من بي بكر رضي الله عنه ما عتم عنه حين ذكته له " أي أنه بادر به.

ونزل فيه وفي عمر: ¤ وَشَاوِرهُم فِي الأَمر ¤. فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يشاوره في أموره كلها ولما اشتد أذى كفار قريش لم يهاجر إلى الحبشة مع المهاجرين بل بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجر معه الى المدينة تاركا عياله وأولاده وأقام معه في الغار ثلاثة أيام. قال تعالى: ¤ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ ¤.

ولما كانت الهجرة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أذن لي في الخروج قالت عائشة: فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح، ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام. قال تعالى: ¤ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ ¤.

وقد دلت هذه الآية على فضيلة أبي بكر لأن رسول الله لولا ثقته التامة بأبي بكر لما استصحبه في هجرته وايتخلصه لنفسه وكل من سوى أبي بكر فارق رسول الله وأنه تعالى سماه ثاني اثنين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويجله ويعرّف أصحابه مكانه ويثني عليه في وجهه. واستخلفه في الصلاة وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً والخندق وبيعة الرضوان بالحديبية وخيبر وفتح مكة وحنيناً والطائف وتبوك وحجة الوداع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا "، ودفع أبو بكر عقبة بن أبي معيط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي عند الكعبة خنقا شديداً، وقال: يا قوم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم. وأعتق أبو بكر سبعة كانوا يعذبون في الله تعالى منهم: بلال وعامر بن فهيرة. وكان أبو بكر إذ مُدِحَ قال: "اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون". وهذا من تواضعه رضي الله عنه، ومما يدل على قوة ارادة أبي بكر ما قاله أبو السفر وهو: دخلوا على أبي بكر في مرضه فقالوا: يا خليفة رسول الله ألا ندعو لك طبيبا ينظر إليك؟ قال: قد نظر إليّ. قالوا: ما قال؟ قال: " إني فعال لما أريد ".

قال عمر رضي الله عنه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي. فقال: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وجاء أبو بكر بكل ما عنده فقال: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدا.

ومن أخبار تواضعه رضي الله عنه أنه كان يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا منائحنا، فسمعها أبو بكر فقال: بلى لعمري لأحلبنها لكم وإني أرجو ألا يغيرني مادخلت فيه عن خلق كنت عليه، فكام يحلب لهم، فربما قال للجارية: أتحبين أن أرغي لك أو أن أصرخ؟ فأي ذلك قالت فعل.

والآن يقولون: إننا في عصر المدينة والحرية والديمقراطية ومع هذا تجد الموظف الصغير يأنف أن يكلم الناس أو يقضي حوائجهم.

وعن سالم بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد مرضه أغمي عليه فلما أفاق قال: مروا بلالا فليؤذن ومروا أبا بكر فليصل بالناس. قال ثم أغمي عليه فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف فلو أمرت غيره. فقال: أقيمت الصلاة؟ فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف فلو أمرت غيره. قال: إنكن صواحبات يوسف مروا بلالا فليؤذن ومروا أبا بكر فليصل بالناس. ثم أفاق فقال: أقيمت الصلاة؟ قالوا نعم. قال: ادعوا لي انسانا أعتمد عليه فجاءت بريرة وإنسان آخر فانطلقوا يمشون به وإن رجليه تخطان في الأرض، فأجلسوه إلى جنب أبي بكر فذهب أبو بكر يتأخر فحبسه حتى فرغ الناس فلما توفي - قال: وكانوا قوما أميين لم يكن فيهم نبي قبله - قال عمر: لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا. فقالوا له: اذهب إلى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه يعني أبي بكر. فذهبت فوجدته في المسجد قال: فأجهشت أبكي. قال: لعل نبي الله توفي. قلت: إن عمر قال: لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا. قال: فأخذ بساعدي ثم أقبل يمشي حتى دخل فأوسعوا له فأكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كاد وجهه يمس وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر نفسه حتى استبان أنه توفي. فقال: إنك ميت وإنهم ميتون، قالوا: يا صاحب رسول الله توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. فعلموا أنه كما قال.

قال ابن اسحاق: توفي أبو بكر رضي الله عنه يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة ( 23 أغسطس سنة 634 ) وصلى عليه عمر بن الخطاب.
توفي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وأشهر بالمدينة وهو ابن ثلاث وستين سنة.

وكان أبو بكر رجلا أبيض نحيفا خفيف العارضين أحنى معروق الوجه غائر العينين، ناتيء الجبهة، عاري الأشاجع، يخضب بالحناء والكتم، وكان أول من أسلم من الرجال وأسلم أبواه. له ولوالديه ولولده وولد ولده صحبة رضي الله عنهم. واختلف في سبب موته. فقيل: إنه مات مسموما. وقيل: انه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما ثم مات بعدها، وقيل: إنه مات كمداً على رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم.

هذه ترجمة حياة أبي بكر أثبتناها هنا بمناسبة إسلامه وما كان له من الشأن العظيم والقدر الرفيع، ولأنه قد بذل المجهود في نصرة الرسول فدل بذلك على غاية الوفاء ومنتهى الإخلاص. ولم يكن - رضي الله عنه - رجلا ضعيفا كما ظن بعض المستشرقين، بل كان شجاعا وكان مع شجاعته مخلصا لا يبالي بالأهوال، ويحتمل المشقات كما يستفاد من سيرته، فبقي مع رسول الله ولم يهاجر إلى الحبشة مع المهاجرين عند اشتداد أذى الكفار على المسلمين، ولما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة معه بكى من فرط السرور واشترك معه في غزواته، وهو ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد. ولما توفي النبي فقد الناس صوابهم وقال عمر: من قال ان محمدا مات ضربته بسيفي هذا. أما أبو بكر فملك شعوره ولم يفقد وقع المصاب الجليل صوابه، فقال: إنك ميت وإنهم ميتون. وسيأتي تفصيل ذلك عند ذكر وفاة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا كانت هذه مواقف ضعف وخلال وهن فأين مواطن القوة؟ ولم نذكر هنا أعماله الجليلة في خلافته.

يقول هؤلاء المستشرقون إنه كان يصدق الرسول تصديقا أعمى. وإنه كان كالنساء سريع البكاء. وهو قول عجيب، فكيف لا يصدق الرسول وهو يعلم أنه صادق لا يكذب، بل هو أعلم خلق الله بصدقه عليه الصلاة والسلام لصحبته له تلك الصحبة الطويلة. إن تصديقه لرسول الله في كل ما قال نتيجة الثقة به ولأجل هذه الثقة الميتة كان لا يتردد في التصديق به، ولأجلها تحمل معه الشدائد والإضطهادات، ولأجلها أنفق أمواله كلها وهذا شأن العاقل الذي إذا ثبت يقينه على أساس قوي لم يبال بما يصادفه من عقبات في سبيل نصرة الحق. أما بكاؤه عند سماع القرآن فهذا أظهر دليل على إخلاصه وتوقد ذكاؤه وقوة فهمه لكلام الله عزّ وجلّ إذ بقدر الفهم يكون التأثر، وقد أجمعوا على كثرة علمه ووفور عقله وفهمه وزهده وتواضعه.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد