إبحث في المدونة

الخميس، 3 يناير 2019

أول من آمن بسيدنا محمد رسول الله

first believ master Mohamed Messenger allah


أوّل من آمن بسيدنا محمد رسول الله من الرجال البالغين الأحرار أبو بكر، ومن الصبيان عليّ، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال بن رباح الحبشي.

وقال أهل الأثر وعلماء السير: إن أوّل الناس إيمانا به صلى الله عليه وسلم على الإطلاق خديجة رضي الله عنها وصلى رسول الله معها آخر يوم الإثنين وهو أول يوم من صلاته وكانت الصلاة وقتئذٍ ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي.

وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لم يبلغ الحلم حين أسلم وكان ابن عشر سنين وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه يطعمه ويقوم بأمره وهو أصغر إخوته وسيأتي سبب اسلامه رضي الله عنه في ترجمة حياته.

وأول من أسلم من النساء بعد خديجة أم أَيمن وأم الفضل زوج العباس وأسماء بنت أبي بكر وأم جميل فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب.
إقرء المزيد

الأربعاء، 2 يناير 2019

فترة نزل الوحي

revelation period

جاء في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما وهو يحدث عن فترة الوحي فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه: " بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت: زملوني زملوني فأنزل الله تعالى: ¤ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ¤ قُمْ فَأَنْذِرْ ¤ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ¤ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ¤ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ¤ فحمي الوحي وتتابع.

قال ابن اسحاق: ابتدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان بقول الله تعالى: ¤ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ¤
وقال الله تعالى: ¤ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ¤ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ¤ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ¤ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ¤ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ¤.
وقال الله تعالى: ¤ حم ¤ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ¤ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ¤ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ¤ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ¤.
وقال تعالى: ¤ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ¤ وذلك ملتقى الرسول صلى الله عليه وسلموالمشركين ببدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان.

ولما فتر الوحي حزن النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس الجبال فكلما أوفى على ذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً. فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه. وكانت فترة الوحي ثلاث سنبن كما جزم به ابن إسحاق ثم نزل عليه جبريل بسورة الضحة يقسم له ربّه، وهو الذي أكرمه بما أكرمه به، ما ودّعه وما قلاه، فقال الله تعالى: ¤ وَالضُّحَى ¤ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ¤ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ¤ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ¤ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ¤ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ¤ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ¤ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ¤. يعرفه الله أنه ما قطعه قطع المودّع وما أبغضه.

روي أن الوحي لما تأخّر عنه قال المشركون إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت ردّاً عليهم: ¤ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ¤. فإنها باقية خالصة من الشوائب وهذه فانية مشوبة بالمضار.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الثلاثاء، 1 يناير 2019

النبي محمد رسول الله الأمي

illiterate prophet Mohamed Messenger


أول ما نزل على سيدنا محمد رسول الله ¤ إِقرَأ ¤ كما صح ذلك عن عائشة رضي الله عنها وري ذلك عن أبي موسى الأشعري، وعبيد بن عمير. قال النووي: وهو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف. وقوله:" ما أنا بقاري " أي أني أمّي لا أقرأ الكتب. قال الزجاج: الأمي الذي على خلقة الأمة لم يتعلم الكتاب فهو على جبلته. وفي التنزيل العزيز: ¤ وّمِنهُم أُمِّيُّونَ لاَ يَعلَمُونَ الكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيّ ¤. فمعنى الأميين في هذه الآية الذين لا معرفة لهم بقراءة ولا كتابة.

قال أبو إسحاق: معنى الأمي المنسوب إلى ما عليه جبلة أمه أي لا يكتب وهو في أنه لا يكتب أمي لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نسب إلى ما يولد عليه. أي ما ولدته أمه عليه. وكانت الكتابة في العرب من أهل الطائف تعلموها من رجل من أهل الحيرة وأخذها أهل الحيرة عن أهل الأنبار. وفي الحديث: " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " أراد على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فيهم على جبلتهم الأولى. وفي الحديث: " بعثت إلى أمة أمية " قيل: للعرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة. هذا معنى كلمة ( أمي ) في اللغة العربية وهكذا كان يفهمها العرب.

قال تعالى: ¤ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ¤ وقال تعالى: ¤ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ ¤. قال الفخر الرازي في تفسيره: ( فالعرب أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرأون والنبي عليه الصلاة والسلام كان كذلك، فلهذا السبب وصفه بكونه أميّاً.
قال أهل التحقيق: وكونه أميا بهذا 
 التفسير كان من جملة معجزاته وبيانه من وجوه:

الأول: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ عليهم كتاب الله تعالى منظوما مرة بعد أخرى من غير تبديل ألفاظه ولا تغيير كلماته. والخطيب من العرب اذا ارتجل خطبة ثم أعادها فإنه لا بد أن يزيد بالقليل والكثير. ثم انه عليه الصلاة والسلام - مع أنه ما كان يكتب وما كان يقرأ - يتلو عليهم كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير فكان ذلك من المعجزات، وإليه الإشارة بقوله تعالى: ¤ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ¤.

الثاني: أنه لو كان يحسن الخط والقراءة لصار متهما في أنه ربما ق طالع الأولين فحصل هذه العلوم من تلك المطالعة. فلما أتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم ولا مطالعة كان ذلك من المعجزات، وهذا هو المراد من قوله تعالى: ¤ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ  إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ¤. 

الثالث: أن تعلم الخط شيء سهل فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلمون الخط بأدنى سعي. فعدم تعلمه يدل على نقصان كبير في الفهم. ثم إنه تعالى آتاه علوم الأولين والآخرين وأعطاه من الحقائق ما لم يصل اليه أحد من البشر ومع تلك القوة العظيمة في العقل والفهم جعله بحيث لم يتعلم الخط الذي الذي يسهل تعلمه على أقل الخلق عقلا وفهما فكان الجميع بين هاتين الحالتين المتضادتين جاريا مجرى الجمع بين الضدين وذلك من الأمور الخارقة للعادة وجار مجرى المعجزات.

وقد طالع صاحب كتاب رسول الله ما كتبه الذين تعرضوا لهذا البحث من الإفرنج الذين ترجموا حياة النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت تخبطا مدهشا فقد بحث الأستاذ نولدكه الألماني في كتابه ( تاريخ القرآن ) هل كان النبي يعرف القراءة والكتابة؟ فلم يجزم بشيؤ بيد أنه زعم أن لفظه (أمي) المذورة في القرآن الكريم لا تدل على أنه يجهل القراءة والكتابة بل تفيد أنه لا يعرف الأسفار القديمة.

والثابت من التاريخ والقرآن والحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف القراءة والكتابة بالرغم من أن بعض المستشرقين يحاولون أن يثبتوا عكس ذلك من غير برهان. إنما هم يستنتجون بعقولهم. ليتعجبوا ما شاؤوا من أميته ولكن يجب عليهم أن يعترفوا بأنه ما كان يعرف القراءة والكتابة. وجاء في قاموس الإسلام:
" ومع ذلك فمن المحقق أنه ( النبي صلى الله عليه وسلم ) كان يتظاهر بأنه يجهل القراءة والكتابة كي يجعل إنشاء القرآن معجزاً ".
فهل بعد ذلك تعسف! لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب لتحدث بذلك أصحابه أو أعداؤه، ولما أمكن أن يكون سرا مكتوما طول حياته خصوصا أن جميع صفاة النبي وأعماله قد روتها الصحابة بالتفصيل حتى خصوصياته في منزله مع نسائه. على أن المنصفين من مؤرخي الإفرنج وفلاسفتهم قد اعترفوا بأميته فمن ذلك ما كتبه المسيو سيديو في كتابه ( تاريخ العرب ) الجزء الأول، صفحة 59 من الطبعة الثانية.
"ولما كلن ( رسول الله صلى الله علسيه وسلم ) غير متعلم مثل أبناء وطنه كان لا يعرف القراءة ".

وقال الفيلسوف الإنجليزي توماس كارليل في كتاب الأبطال الذي عني بترجمته الأستاذ محمد السباعي رحمه الله: 
"  ثم لا ننسى شيئا آخر هو أنه لم يتلق دروسا على أستاذ أبدا وكانت صناعة الخط حديثة العهد إذ ذاك في بلاد العرب. ويظهر لي أن الحقيقة هي أن محمدا لم يكن يعرف الخط والقراءة وكل ما تعلمه عيشة الصحراء وأحوالها ".

وجاء في كتاب الإسلام تأليف الكونت هنري دي كاستري ترجمة المرحوم أحمد فتحي زغلول باشا:
" إن محمدا ما كان ليقرأ أو ليكتب بل كان - كما وصف نفسه مرارا - نبيا أميا، وهو وصف لم يعلرضه فيه أحد من معاصريه، ولا شك أنه يستحيل على في الشرق أن يتلقى العلم بحيث لا يعلمه الناس لأن حياة الشرقيين كلها ظاهرة للعيان، على أن القراءة والكتابة كانت معدومة في ذلك الحين من تلك الأقطار..."

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميا احتاج الى كتاب يكتبون له وقد ذكرهم الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق، وروى ذلك كله بأسانيده وهم:
أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعثمان وعلي، والزبير، وأبيّ بن كعب بن قيس وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن مسلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وأبان بن سعيد بن العاص وأخوه خالد بن سعيد وثابت بن قيس، وحنظلة بن الربيع، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الأرقم، وعبدالله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن عتبة، والمغيرة بن شعبة، والسجل، وزاد غيره شرحبيل بن حسنة. قالوا: وكان أكثرهم كتابة زيد بن ثابت ومعاوبة رضي الله عنهم.

وسيأتي في غزوة أحد أن العباس كان بمكة وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابا يخبرهم بجمع قريش وخروجهم، فلما جاء كتاب العباس وكان أرسله مع رجل من بني غفار، فك رسول الله صلى الله عليه وسلم ختمه ودفعه لأبيّ بن كعب فقرأ عليه فاستكتم أبيّاُ.

فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف القراءة لما لما دفع كتابا يحوي أخبارا سرية إلى أحد لقراءته.
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : كنت جار رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إليّ فكتبت له.

وذكر ابن ماكولا أن تميم بن جراسة وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه أنه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فأسلمنا وسألناه أن يكتب لنا كتابا فيه شروط فقال: اكتبوا ما بدا لكم ثم ائتوني به فسألناه في كتابنا أن يحل لنا الربا والزنا فأبى عليّ أن يكتب لنا فسألنا خالد بن سعيد بن العاص فقال له عليّ: تدري ما تكتب؟ قال: أكتب ما قالوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بأمره. فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال للقاريء: " اقرأ " فلما انتهى الى الربا قال: ضع يدي عليها فوضع يده فقال: ¤ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ¤ ثم محاها وألقيت علينا السكينة فما راجعناه فلما بلغ " الزنا " وضع يده عليها وقال: ¤ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ¤. ثم محاها وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا.

وقد زعم بعضهم أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتلو الكتب الدينية القديمة ومنها استقى معلوماته، وهذا الزعم لا أساس له، إذ لم يكن في جزيرة العرب كتب دينية باللغة العربية في ذلك الوقت. ومن المؤكد أنه ما كان يعرف أي لغة من اللغات الأجنبية.

وقد قيل أيضا: إنه صلى الله عليه وسلم اقتبس بعض تعاليم المسيحية أثناء سفره إلى الشام عندما كان يتاجر، وبديهي أن التاجر العربي الذي لا يعرف اللغة الآرامية واليونانية كان يتعذر عليه الحصول على معلومات دينية من مسيحي الشام. أما الذين كانوا يتكلمون العربية من هؤلاء المسيحيين فقد كانوا جهالا أميين.

وأما ما قيل من أن ورقة بن نوفل ترجم جزءا من الكتب المسيحية إلى العربية فغير محتمل بالمرة، ومع ذلك يزعم درمنغم في كتابه ( حياة محمد ) أن ورقة ترجم الأناجيل إلى العربية وهذا رغم لا أساس له إنما هو مجرد ظن.

فالمستشرقون الذين زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة غضوا الطرف عن الآيات التي صرحت بأنه كان أميا. ذلك لأنهم وجدوا أن القرآن معجز ويحتوي على قصص الماضين وعلى شريعة عظيمة فاقت كل الشرائع وفيه عظات بالغة وحكم وأمثال رائعة وأن أبناء هذا العصر مع تقدم العلوم والفنون وانتشار الجامعات لم يستطيعوا أن يضعوا شريعة للناس كالشريعة الإسلامية ولا آدابا وأخلاقا كالآداب والأخلاق الواردة في القرآن، فهالهم الأمر وتحيروا وقالوا في أنفسهم: من جاء لمحمد صلى الله عليه وسلم هذا العلم كله، وكيف كان أميا؟ فإن قيل لهم هذا دليل على نبوته وأنه صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه، لم يسلموا - لأنهم لو سلموا بنزول الوحي عليه لزمه التصديق برسالته تخلصا من هذا المأزق، ونفوا عنه الأمية وقالوا إنه كلن يقرأ ويكتب ويتلو الكتب القديمة ولما وجدوا أن التاريخ لا يساعدهم على هذا الزعم لأن معاصريه صلى الله عليه وسلم أقروا أنه كان أميا وأن ذلك يطابق ما جاء في القرآن، قال قائلهم: إنه كان يخفي أمره ويكتم عن الناس ( وعن الناس جميعا حتى عن زوجاته وأولاده وجميع أصحابه )! علمه بالقراءة والكتابة. وهذا قول مضحك لأن الذي يقرأ ويكتب لا بد أن يراه أحد بل يراه كثير من الناس، فإن هذا أمر لا يمكن إخفاؤه كالأكل والشرب. هذه الحقيقة وهذا ما نعتقد وما يجب أن يعتقده كل باحث في السيرة المحمدية والشريعة الإسلامية.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الاثنين، 31 ديسمبر 2018

النبي المنتظر محمد رسول الله

Mohamed Messenger expected

اتفق مؤرخوا العرب وأصحاب السير أن أهل الكتاب كانوا ينتظرون ظهور نبيّ في ذلك الزكان وكانوا يعلمون أوصافه وأحواله، من ذلك أنهم ذكروا:
(1) أنه ثبت بالأخبار القريبة من التواتر أن شقاً وسطيحاً كانا كاهنين يخبران بظهور نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره.

(2) قصة حليمة السعدية وأنها كانت تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود كلما مر بها جماعة منهم وتحدثهم بشأنه فكانوا يحضون على قتله فتهرب منهم.

(3) أنهم اتفقوا على أن بحيرا الراهب عرف الرسول صلى الله عليه وسلم بعلامات فيه وقال لأبي طال: ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت لَيَبغُنَّهُ شَرًّا فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده.

(4) في سيرة ابن هشام فصل عن انذار يهود برسول الله نقلا عن رواية ابن اسحاق فليراجع في موضعه وقد أورد في هذه المدوّنة.

(5) قصة سلمان الفارسي الذي أسلم بعد أن استدل على رسول الله بعلامات كان يعرفها من الراهب الذي صحبه أخيرا. وقصة اسلام سلمان مشهورة ومذكورة في المصادر المعتبرة التي يعوّل عليها المؤرخون ولا يمكن أن تكون مختلفة، فقد رواها ابن عباس عن لسان سلمان الفارسي نفسه. والقصة مذكورة في هذه المدوّنة أيضا لأهمّيتها.

(6) اسلام عبد الله بن سلام بن الحارث فإنه كان حَبراً عالماً. قال: سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له فكنت مسرًّا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة إلى آخر ما قال مما هو مذكور في هذه المدوّنة نقلا عن سيرة ابن هشام.

(7) كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث في العرب اسمه محمد فسمى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة، وقد ذكرت في مدونتي أسماء بعضهم نقلا عن كتاب رسول الله للمؤلف محمد رضا نقلا عن طبقات ابن سعد كاتب الواقدي.

(8) ما جاء في صحيح البخاري في باب بدء الوحي من أن ورقة بن نوفل ( ذلك الشيخ العالم بالنصرانية والذي كان يكتب الإنجيل بالعبرانية ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرضته عليه خديجة : " هذا الناموس الذي نزل على موسى "... الخ

(9) أن التبي صلى الله عليه وسلم لما جمع بني قينقاع - وهم طائفة من اليهود - قال لهم: " يا معشر اليهود احذروا من الله عزّ وجلّ مثلما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم عرفتم أني نبيّ مرسل تجدون ذلك في كتابكم وفي عهد الله إليكم ".

(10) كان قيس بن نُشبَة في الجاهلية منجما متفلسفا واعدًا بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال له: يا محمد ما كَحلَة؟ فقال: السّماء. قال: وما مَحلَة؟ فقال: الأرض. فآمن به وقال: لا يعرف هذا الا نبيّ. فقال قيس في ذلك.

تابعت دين محمد ورضيته ....... كل الرضا لأمانتي ولديني
مازلت آمله وأرقب وقته ....... والله قد أنه يهديني
أعني بن آمنة الأمين ومن به ....... أرجو التخلص من عذاب الهون

فكان قوم قيس اذا وردوا على النبي صلى الله عليه وسلم، قال لهم: "كيف حبركم"؟.

كل هذا وغيره يؤيد أنهم كانوا ينتظرون نبيا يظهر في ذلك الزمان وليس ذلك بمستغرب فإن البشارة به صلى الله عليه وسلم قد وردت في التوراة والإنجيل وقد أثبتنا ذلك في موضوع سابق من هذه المدوّنة مستشهدين بآيات من الكتاب المقدّس المطبوع باللغة العربية فلا بد من أن أهل الكتاب في ذلك الزمان كانت لديهم كتب أخرى ألفها علماؤهم شرحا للكتاب المقدّس فاستقوا منها تلك المعلومات والعلامات التي عرفوا بها صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموطنه وزمنه واضطهاد قومه له وهجرته. إننا نرجح ذلك بل نؤكده لأننا إذا كنا قد استخرجنا من الكتاب المقدس المطبوع في أيامنا آياتنا تبشر برسالته صلى الله عليه وسلم وتصفه وتصف شريعته وموطنه وأصحابه فلا بد أن يكون أهل الكتاب قديما - ولا سيما العلماء منهم - قد اطلعوا في النسخ العبرية القديمة التي كانت لديهم، ولم نتوصل اليها، على معلومات أوفى خاصة بالرسول تعدّ غريبة بالنسبة لنا.

هذا ما يستنتجه المؤرّخ المنصف، بل هذا ما يتبادر إلى ذهن من تَتَبّع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما مستر موير فإنه انبرى في الجزء الثاني من كتابه يكذب جميع المصادر التاريخية ويرفض ما جاء فيها من أهل الكتاب كانوا ينتظرون نبيّاً يبعث. زاعما أن هذه الروايات لا أساس لها من الصحة وأنها من مخترعات المؤرخين لأنه لو اعترف بصحتها أو بصحة بعضها لوجب عليه أن يعترف برسالة النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حين أنه حاول في جميع ما كتبه واستنبطه إثبات أنه لم يكن نبيّاً بل كان رجلا يدَّعي النبوّة لبسط نفوذه!.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الأحد، 30 ديسمبر 2018

بدء الوحي على سيدنا محمد رسول الله 6 أغسطس سنة 610 ميلادية.

start revelation Mohamed Messenger Allah

6 أغسطس سنة 610 ميلادية

لما قربت أيام الوحي حُبب إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم  الخلوة فكان فكان يختلي في غار حراء ويتعبد فيه الليالي ذوات العدد ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها، وكانت عبادته على دين ابراهيم عليه السلام وقيل: كان يتعبد إلهاما من الله، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكانت تلك الرؤيا الصادقة مقدمات الوحي. قيل: مدتها ستة أشهر.

فلما تم له أربعون سنة جاءه جبريل بالنبوة وذلك في يوم الإثنين لسبع عشرة خلت من رمضان للسنة الحادية والأربعين من ميلاده، فيكون عمره إذ ذاك أربعين سنة قمرية وستة أشهر وثمانية أيام، وذلك يوافق 6 أغسطس سنة 610 ميلادية وهو بغار حيراء.

جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حيراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاء الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال له: اقرأ، فقال له: ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقريء، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: ¤ إقرأ باسم ربك الذي خلق ¤ خلق الإنسان من علق ¤ اقرأ وربك الأكرم ¤. 
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يُخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزيّ ابن عم خديجة، وكان أمرأ قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني. فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: يابن عم اسمع من ابن أخيك فقال لي ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، ياليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلة الله عليه وسلم: " أومخرجيَّ هم؟ " قاقل: نعم. لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤَزَّرًا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي.

وأول ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن ¤ إقرأ ¤ كما صح عن ذلك عن عنئشة وروي ذلك عن أبي موسى الأشعري وعبيد بن عمير. قال النووي: وهو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

السبت، 29 ديسمبر 2018

ترجمة زيد بن عمرو

Translation Zaid Bin Amr

هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزي بن رباح بن عبد الله بن قرظ بن رزاح ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشي العدوي والد سعيد بن زيد أحمد العشرة وابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجتمع هو وعمر في نفيل. سئل النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقال: " يبعث أمه وحده يوم القيامة "، وكان يتعبد في الجاهلية ويطلب دين ابراهيم الخليل صبى الله عليه وسلم ويوحد الله تعالى ويقول: إلاهي إله إبراهيم وديني دين ابراهيم وكان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: ( الشاة خلقها وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله تعالى ) إنكارا لذلك وإعظاما له وكان لا يأكل مما ذبح على النصب واجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيد بن عمرو بأسفل بلدح قبل أن يوحى إليه وكان يحيي الموؤودة. وعن زيد بن حارثة قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حارًّا من أيام مكة وهو مردفي فلقينا زيد بن عمرو بن نفيل فحيّا كل واحد منا صاحبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" يا زيد مالي أرى قومك قد شنفوا لك ". قال: والله يا محمد إن ذلك لغير نائلة ترة لي فيهم ولكن خرجت أبتغي هذا الدين حتى أقبل على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا الدين الذي أبتغي. فخرجت فقال لي شيخ منهم: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحدا يعبد الله به إلا شيخا بالحيرة. قال: فخرجت حتى أقدم عليه فلما رآني قال: ممن أنت؟ قلت: أنا من أهل بيت الله من أهل الشوك والقرظ. قال: إن الذي تطلب قد ظهر ببلادك. قد بعث نبيّ قد طلع نجمه وجميع من رأيتهم في ضلال. قال: فلم أحس بشيء.

قال زيد بن حارثة: ومات زيد بن عمرو وأُنزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النبيّ في زيد: " إنه يبعث يوم القيامة أُمة وحده "

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يذكر اجتماعه بزيد بن عمرو:
كنت جالسا بفناء الكعبة وكان زيد بن عمرو بن نفيل قاعدا. فمر به أمية بن أبي الصلت، فقال: كيف أصبحت يا باغي الخير؟ قال: بخير. قال: هل وجدت؟ قال: لا. ولم آل من طلب. فقال:

كل دين يوم القيامة إلا ....... ما قضى الله والحنيفة بور

أما إن هذا النبي الذي ينتظر منا أم منكم أو من أهل فلسطين؟ قال: ولم أكن سمعت من قبل ذلك بنبيّ يُنتظر أو يُبعث. فخرجت أريد ورقة بن نوفل وكان كثير النظر في السماء، كثير همهمة الصدر. فاستوقفته ثم قصصت عليه الحديث. فقال: نعم يابن أخي، أبى أهل الكتاب والعلماء إلا أن هذا النبيّ الذي ينتظر من أوسط العرب نسبا. ولي علم بالنسب، وقومك أوسط العرب نسبا، قلت: يا عم، وما يقول النبيّ؟ قال: يقول ما قيل له ( أي ما يوحى إليه ) إلا أنه لا ظلم ولا تظالم. فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم آمنت وصدقت.

وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد ريت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين ابراهيم غيري. وكان يقول: اللهم لو أني أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلمه ثم يسجد على راحته. 

وقال ابن إسحاق:" حدثني بعض آل زيد كان إذا دخل الكعبة قال: لبيك حقاً حقاً، تعبدًا ورقّاً. عذت بما عاذ به ابراهيم " ويقول وهو قائم: " أنفي لك عانٍ راغم. مهما تجشمني فإني جاشم. البر أبغي لا المال وهل مهجر كمن قال؟ " وكان الخطاب بن نفيل قد آذى زيد بن عمرو بن نفيل حتى خرج إلى أعلى مكة فنزل حراء مقابل مكة ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفهائهم فلا يتركونه يدخل مكة وكان لا يدخلها إلا سرا منهم فإذا علموا به آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم وأن يتابعه أحد منهم على فراقهم. وتوفي زيد قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فرثاه ورقة بن نوفل:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ....... تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله ....... وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وقد يدرك الإنسان رحمة ربه ....... ولو كان تحت الأرض ستين واديا

وكان يقول: " يا معشر قريش إياكم والرياء فإنه يورث الفقر ".

هذه ترجمة زيد بن عمرو وهو مع اعتناقه دين ابراهيم هربا من الوثنية لم يكن يعلم أحب الوجوه إلى الله تعالى ليعبده به ولم يذكر أنه اجتمع برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا بأبي بكر غير المرة التي ذكرناها.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

الرّدّ على مستر كانون سل

Reolay Mr Canon Sel

قال مستر كانون سل في كتابه " حياة محمد ": ( قال زيد وأصحابه إنهم رغبوا في اتباع دين ابراهيم، ويظن أن محمدا أخذ منهم هذه الفكرة ) ثم قال: ( بقي زيد حنيفا وعاب على أهل مكة عبادة الأصنام فأثار غضبهم فأرغم على ترك مكة والإقامة في جبل حراء وبعد أن أمضى هناك زمنا يفكر، توفي ودفن في أسفل الجبل وقد كان له تأثير عظيم في محمد الذي كان يجل شأنه ويقدره قدره. ولا ريب أن هؤلاء الرجال وأمثالهم من ذوي العقول الراجحة كانوا كثيرا ما يتشاورون ويتحادثون فيما وصلت اليه حالة العرب الإجتماعية من الإنحطاط ويأسفون لانتشار الوثنية وضعف مركزهم السياسي. ولم ينجح عثمان بن الحويرث في تأسيس سلطة مركزية لاعتماده على دولة أجنبية - الإمبراطورية الرومانية - ومع ذلك كانت الحاجة تدعو إلى وجود سلطة مركزية والإعتراف بالكعبة وجعلها قوة دينية للعرب جميعا، فكيف الوصول الى ذلك؟ وكيف يمكن ابطال عبادة الأصنام؟ إلى أن قال: وهنا سنحت الفرصة لظهور نبيّ وقد كان الإستعداد لظهوره قريبا وما لبث أن ظهر نبيّ قويّ الشخصية ذو فطنة سياسية فائقة برسالة محدودة للأمة العربية ). هذا ما زعمه مستر كانون سل.

فنقول: نعم إن هؤلاء تحادثوا في أمر انتشار عبادة الأصنام وأخذوا يبحثون عن الدين الصحيح لكن محادثتهم كانت قليلة. وليس لها شأن ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتمع بهم ويحادثهم في شؤون العرب الدينية أو السياسية وقد كان زيد بن عمرو مضطهدا ولجأ إلى حراء لكن لم تكن له اجتماعات بسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه سلم حتى يقال: إنه تذاكر معه مسائل الدّين وترك في نفسه أثرا عميقا أو أنه أخذ منه الفكرة لأن المسألة ليست مسألة اقتباس فكرة فالقرآن وما حواه من فصاحة وبلاغة خارقة وحكم بالغة وأمثال محكمة وذكر أحوال الماضين من أنبياء وامم وأنباء المستقبل وعلاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بغيره والتشريع العظيم الشأن الذي صار موضوع بحث الأئمة المجتهدين والعلماء الأعلام - لا يكون مصدره اجتماع زيد بن عمرو برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مصادفة في حراء أو في الطريق. ثم اننا فوق ذلك لا نعلم من تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتذاكر مع رجال أو كانوا يعلمونه من صغره إلى أن صار نبيًّا بل الثابت أنه كان أمِّيًّا لا يدري مالكتابة والقراءة ولا الدين وأصوله حتى أوحي إليه ثم إن رسالة النبيّ صلى الله عليه وسلم لم تكن محدودة للأمة العربية كما ظن سل وأمثاله بل كانت رسالته عامة بنص القرآن؛ قال تعالى: ¤ وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ¤.

وفي الموضوع القادم إن شاء الله سأقدم لكم ترجمة حياة زيد بن عمرو إتماما لما ذكر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد