إبحث في المدونة

الجمعة، 25 يناير 2019

اقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة


اقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)
قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)
مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11)
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16)
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)
وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23)
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35)
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)
لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)
فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)
أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)
هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)
وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)
وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)
قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)
قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)
قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)
قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)
فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)
قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)
وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)
قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)
الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)
إقرء المزيد

الأربعاء، 23 يناير 2019

حصار الشعب وخبر الصحيفة

Siege reef news newspaper

مقاطعة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأتباعه

لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا به أمناً وقراراً وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الإسلام ينتشر في القبائل، إجتمعوا وائتمروا أن يكتبو كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم وبين المطلب على أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يقبلوا منهم صلحاً أبداً ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل. أعني أنهم اتفقوا وتعاهدوا على مقاطعتهم مقاطعة تامة انتقاماً منهم لإسلامهم ودفاعهم عن رسول الله صلى الله عليه ويلم وكتبوا بذلك صحيفة توكيداً لأنفسهم وعلّقوها في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع من النبوة ( 617 م ).

وكانت الصحيفة مكتوبة بخط بغيض ابن عامر بن هاشم فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده. وانحاز بنو المطلب بن عبد مناف إلى أبي طالب في شعبه من بني هاشم وخرج أبو لهب إلى قريش فظاهرهم على بني هاشم وبني المطلب وقطعوا عنهم الميرة والمادة فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغوا الجهد وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب. فمن قريش من سرّه ذلك ومنهم من ساءه وقال: انظروا ما أصاب بغيض بن عامر فأقاموا في الشعب ثلاث سنين حتى أنفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله وأنفق أبو طالب ماله وأنفقت خديجة مالها وصاروا إلى حد الضر والفاقة. ثم أطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم وأن الأرضة قد أكلت ما كان فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب فذكر أبو طالب لإخوته وخرجوا الى المسجد.

فقال أبو طالب لكفار قريش إن ابن أخي قد أخبرني - ولم يكن يكذبني - قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقاً نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذباً دفعته اليكم فقتلتموه أو استحييتموه. قالوا: قد أنصفتنا فأرسلوا إلى الصحيفة ففتحوها فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقط في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم. فقال أبو طالب: علام نحبس ونحصر وقد بان الأمر، ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة والكعبة فقال: اللهم انصرنا ممن ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل ما يحرم الله منا ثم انصرفوا الى الشعب.

وتلاوم رجال من قريش على ما صنعوا ببني هاشم وكان فيهم مطعم بن عدي وعدي بن قيس وزمعة بن الأسود وأبو البختي بن هشام وزهير بن أبي أمية فلبسوا السلاح ثم خرجوا الى بني هاشم وبني المطلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا. فلما رأت قريش ذلك سقط في أيديهم وعرفوا أن لن يسلموهم وكان خروجهم من الشعب في السنة العاشرة.

وفي سيرة ابن هشام أنهم أقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثاً حتى جهدوا لا يصل اليهم شيء إلا سرّاً مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش. وقد كان أبو جهل بن هشام فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمّته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه في الشعب فتعلّق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري وقال طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلّ سبيل الرجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه. فأخذ له أبو البختري لحى بعير فضربه به فجشّه ووطئه وطئاً شديداً وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم، ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلا ونهاراً وسراً وجهاراً مبادياً بأمر الله لا يتقي فيه أحداً من الناس. 

هذا ومن المدهش أن مرجوليوث يقول: إن أبا جهل كان مشهوراً بالعقل والذكاء، وهل تدري لماذا أيها القاريء؟ لأنه كان معادياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن أعماله وصفاته التي ذكرناها لا تدل على أنه كان عاقلا ذكياً.

إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو العرب إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم. كان يدعو إلى عبادة الله الواحد، وإلى نبذ عبادة الحجارة. ومعنى ذلك أنه كان يعمل على انتشالهم من الإنحطاط الديني الذي كانوا غارقين فيه ورفعهم إلى أعلى المراتب وأسمى العقائد. وعدا ذلك لقد كان عليه الصلاة والسلام يهذّبهم ويعلّمهم مكارم الأخلاق ويبث في نفوسهم الآداب الإجتماعية العالية، فهل يقال عن رجل اتصف بشدّة عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه عاقل! ثم ان مرجوليوث يظهر حنقه على من أسلموا ولا سيما إذا  كانوا من الأبطال الأشدّاء فيرميهم بأوصاف ذميمة منفّرة!!.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الثلاثاء، 22 يناير 2019

الهجرة الثانية الى الحبشة

Second migration to Abyssinia

لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكة من الهجرة الأولى ( بسبب اسلام عمر وإظهار الإسلام ) اشتدّ عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديداً فإذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرّة ثانية. 

فكانت خرجتهم الآخرة أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم، وتخوفوا من حماية دولة أجنبية قوية للمسلمين المهاجرين. فقال عثمان: يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة الى النجاشي ولست معنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنتم مهاجرون الى الله وإليّ لكم هاتان الهجرتان جميعاً " قال عثمان: فحسبنا يا رسول الله. 

وكان عدة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلاً ومن النساء إحدى عشرة امرأة قرشية وسبعاً غرائب، فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي في أحسن جوار. فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلاً ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.

إقرء المزيد

الاثنين، 21 يناير 2019

سبب اسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

reason of islam Omar bin khattab

عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي وأمه حنتمة بنت هاشم. وُلد بعد الفيل بثلاثة عشرة سنة. رُوي عن عمر أنّه قال: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين ويوافق مولده 581 م. وكان مديد القامة. تاجراً مشهوراً من أشراف قريش. وكانت إليه السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشاً إذا وقعت بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم بعثوه #سفيراً وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر رضوا به وبعثوه منافراً ومفاخراً، ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديداً عليه وعلى المسلمين. وقد ذكرنا أنه كان يعذب جارية بني مؤمل لإسلامها فاشتراها أبو بكر وأعتقها.

إسلامه رضي الله عنه:

عن ابن عباس أنه قال: (أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة، ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين).
ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم أعزّ الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام " يعني أبا جهل.

وحكى عن سبب اسلامه فقال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يابن الخطاب أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: أُختك قد صبأت فرجعت مغضبا. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان من طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين فجئت حتى قرعت الباب. فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. وكان القوم جلوساً يقرأون في صحيفة معهم. فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم فقامت المرأة ففتحت لي. فقلت: يا عدوة نفسها قد بلغني أنك صبأت. قال: فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به فسال الدم فلما رأت الدم بكت ثم قالت: يابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل فقد أسلمت. فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت. فقلت: ما هذا الكتاب؟ أعطنيه - وكان عمر كاتباً - فقالت: لا أعطيك، لست من أهله. أنت لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهّر وهذا لا يمسّه إلا المطهرون. قال: لم أزل بها حتى أعطتنيه - بعد أن أغتسل - فإذا فيه ( بسم الله الرحمــن الرحيــم ). فلما مررت بالرحمان الرحيم ذُعرت ورميت بالصحيفة من يدي ثم رجعت إليّ نفسي فإذا فيها ¤ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ¤ قال: فكلما مررت باسن من أسماء الله عز وجل ذعرت ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت ¤ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ¤ حتى بلغت إلى قوله: ¤ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ¤ قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا الله عزّ وجلّ، ثم قالوا: يابن الخطاب أبشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الإثنين فقال: اللهم أغز الإسلام بأحد الرجلين إما عمرو بن هشام وإما عمر بن الخطاب. وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فأبشر. قال: فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم: أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: هو في بيت في أسفل الصفا وصفوه. فخرجت حتى قرعت الباب قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، قال وقد عرفوا شدتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افتحوا له فإنه إن يرد الله به خيراً يهده. ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرسلوه فأرسلوني فجلست بين يديه فأخذ بمجمع قميصي فجبذني إليه، ثم قال: أسلم يابن الخطّاب اللهم اهده، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله. فكبر المسلمون تكبيرة سُمِعت بطرق مكة.

وكان إسلام عمر في السنة السادسة من النبوّة، وكان في السادسة والعشرين من عمره بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام. وسماه رسول الله الفاروق لأنه لما أسلم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألسنا على الحق إن متنا أو حييتا؟ قال: بلى والذي نفسي بيده، إنكم لعلى الحق إن متم أو حييتم. قال: فقلت: ففيم الإختفاء! والذي بعثك بالحق لتخرجن، فأخرجناه في صفّين حمزة في أحدهما وأنا في الآخر حتى دخلنا المسجد فنظرت إليّ قريش وإلى حمزة فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها. فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق، وفرق بين الحق والباطل. قال عمر رضي الله عنه لما أسلمت تلك الليلة أيّ أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني أسلمت. قال: قلت: أبو جهل، فأقبلت حتى أصبحت حتى ضربت عليه بابه فخرج إليّ أبو جهل. فقال: مرحباً ما جاء بك؟ قال: جئت لأخبرك أني آمنت بالله وبرسوله محمد وصدقت بما جاء به. فضرب الباب في وجهي وقال: قبحك الله وقبح ما جئت به فكان إسلام عمر ضربة قاضية على أبي جهل.

ولا شك أن عمر رضي الله عنه قد أسلم لما قرأ آي الذكر الحكيم مع أنه كان قبل إسلامه يعذب جارية بني مؤمل لإسلامها أشد العذاب بلا رحمة ولا شفقة ولا يتركها إلا إذا مل وكل، وهذا يدل على أنه كان شديد البغض للإسلام شديد التعصب لدينه، وقد تعدى على أخته وجشها. ولم يكن أحد يتصور أن صاحب هذا الخلق الشديد الحانق على الإسلام والمسلمين والمعتدي على الرجال والنساء بالتعذيب والضرب يسلم بمجرد قراءته آي القرآن. نعم لم يكن أحد يتصور ذلك، لكن لما كان القرآن ليس كلام البشر بل كلام الله سبحانه وتعالى كان له تأثير عجيب في النفوس، ولا بد أن سامعه برق قلبه مهما كان قاسياً. لذلك لم يسع عمر بن الخطاب هذا العربي الصميم إلا الإعتراف بأن ما تلاه هو كلام الله سبحانه وتعالى وليس في استطاعة البشر الإتيان بمثله فصدّق بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وإن في ذلك لعبرة لأولي الألباب. وعمر رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين وقد ضرب المثل الأعلى بعدله وزهده.

قال عليّ رضي الله عنه: ما علمت أحداً هاجر إلا متخفياً إلا عمر بن الخطاب فإنه لما همَّ بالهجرة تقلد سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما، وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها فطاف سبعاً ثم صلى ركعتين عند المقم ثم أتى حلقهم واحدة واحدة وقال: شاهت الوجوه، من أراد أن تثكاه أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلحقني وراء هذا الوادي. فما تبعه أحد منهم.

ومن مناقب عمر بن الخطاب العظيمة رضي الله عنه أن الوحي نزل على وفق قوله في آيات كثيرة منها:
- آية أخذ الفداء عن أسارى بدر.
- آية تحريم الخمر.
- آية تحويل القبلة.
- آية أمر النساء بالحجاب.
- النهي عن القيام على القبر من مات من المنافقين.

وطُعِن عمر رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة أربع وعشرين ( ويوافق سنة 644 م ) وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح المشهور.

والذي طعن عمر: العلج أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة وهو قائم في صلاة الصبح حين أحرم بالصلاة طعنه بسكين ذات طرفين فضربه في كتفه وخاصرته وقيل ضربه ضربات. فقال: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام. والظاهر أن العلج هذا كان مجنوناً لأنه طعن مع عمر ثلاثة عشر رجلاً. توفي منهم سبعة وعاش الباقون، ولما أحس أنه مقتول قتل نفسه.

وكانت خلافته - رضي الله عنه - عشر سنين وخمسة أشهر وواحدا وعشرين يوماً وثبت في صحيح البخاري وغيره أنه أوا من جمع الناس لصلاة التراويح فجمعهم على أبي بن كعب بن قيس رضي الله عنه. وأجمع المسلمون في زمنه وبعده على استحبابها. وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه مر على المساجد في رمضان وفيها القناديل فقال: " نوّر الله على عمر قبره كما نوّر علينا مساجدنا ".

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأحد، 20 يناير 2019

إسلام حمزة رضي الله عنه

Islam Hamzah Allah be him

حمزة بن عبد المطلب، وأمه هالة بنت وهب، وهو عمّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب. وكان رضي الله عنه أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وهو سيد الشهداء وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة. أسلم سنة ست من النبوة وكنيته أبو عمارة وكان شجاعاً، محارباً، قوي الجسم، طويل القامة.

وكان سبب اسلامه أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مولاة لعبد الله ابن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك ثم انصرف عند فعمد إلى نادٍ لقريش عند الكعبة فجلس معهم ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحاً قوسه راجعاً من قنصٍ له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له فكان إذا رجع من قنصه لم يرجع الى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادٍ من قريش الا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعزّ قريش وأشدّها شديكمة وكان يومئذٍ مشركاً على دين قومه. 

فلما مرّ بالمولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع الى بيته قالت له: يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفاً؛ وجده هاهنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد. فاحتمل حمزة الغضب فخرج سريعاً لا يقف على أحدٍ كما يصنع، يريد الطواف بالبيت معدالأبي جهل أن يقع به. فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه به ضربةً جشّه بها جشّة منكرة وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت. فقال حمزة وما يمنعني وقد استبان لي منه ذلك. أنا أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الذي يقول الحق فوالله لا أنزع فامنعوني ان كنتم صادقين. 

قال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبّاً قبيحاً وثبت حمزة على إسلامه. فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه به ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدراً وأبلى فيها بلاءا عظيماً مشهوراً. وقاتل يوم بدر بسيفين وشهد أحدا فقتل بها يوم السبت النصف من شوال من السنة الثالثة من الهجرة بعد أن قتل من المشركين قبل أن يُقتل أحداً وثلاثين نفساً وبينما كان يقاتل إذ عثر عثرة وقع فيها على ظهره فانكشف الدرع عن بطنه فزرقه وحشي الحبشي مولى جبير بن مطعم بحربة فقتله. 

ومثل به المشركون وبجميع قتلى المسلمين وجعل نساء المشركين، هند وصواحباتها يجدعن أنوف المسلمين وآذانهم ويبقرن بطونهم، وبقرت هند بطن حمزة رضي الله عنه فأخرجت كبده فجعلت تلوكها فلم تسغها فلفظتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو دخل بطنها لم تمسها النار " وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآه قتيلا. ومع ذلك عفا رسول الله عن هند يوم الفتح. ودفن عند أُحد في موضعه وكان عمره تسعاً وخمسين سنة وكان حمزة أول شهيد صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

السبت، 19 يناير 2019

شفاعة الغرانيق ( ذكور طير الماء )

Slander heretics on messenger god

افتراء الزّنادقة على رسول الله

روى بعض المؤرخين ونقل عنهم المفسرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من قومه كفّاً عنه، جلس خاليا وتمنى فقال: ليته لا ينزل عليَّ شيء ينفرهم عني وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلساً في نادٍ من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم: ¤ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ¤ حتى بلغ : ¤ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ¤ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ¤. ألقى الشيىطان كلمتين على لسانه: "تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترجى" فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلّها وسجد وسجد القوم جميعاً ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، ويقال: إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ ترابا إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخا كبيرا فبعض الناس يقول: إنما الذي رفع التراب الوليد وبعضهم يقول: أحيحة، وبعضهم يقول كلاهما فعل ذلك فرضوا بما تكلم به رسول الله وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق. ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده وأما إذا جعلت لها نصيباً فنحن معك. فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم حتى جلس في البيت، فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة فقال جبريل: ما جئتك بهاتين الكلمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قلت على الله ما لم يقل " فأوحى الله إليه: ¤ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ¤ إلى قوله: ¤ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ¤.

نقل هذه الرواية ابن سعد في طبقاته عن عبد الله بن حنطب. وقد قال الترمذي: إن عبد الله بن حنطب لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجه الثلاثة. أما الآية التي قيل انها نزلت بسبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال على الله ما لم يقل بذكره شفاعة الغرانيق وهي: ¤ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ¤ فلم تنزل بهذه المناسبة. فقد قال ابن عباس في رواية عطاء: نزلت هذه الآية في وفد ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه شططاً وقالوا: متعنا باللات سنة وحرم وادينا كما حرمت مكة من شجرها وطيرها ووحشها، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم فكرروا ذلك الإلتماس وقالوا: إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عليهم فإن كرهت ما نقول وخشيت أن تقول العرب طيتنا ما لم تعطنا فقل الله أمرني بذلك فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وداخلهم الطمع فصاح عليهم عمر وقال: أما ترون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمسك عن الكلام كراهية لما تذكرونه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وروى صاحب الكشاف أنهم جاؤوا بكاتبهم فكتب: بسم الله الرحمان الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله إلى ثقيف لا يعشرون ولا يحشرون، ولا يجبون، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا للكاتب: أكتب ولا يجبون والكاتب ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام عمر بن الخطاب وسلّ سيفه وقال: أسعرتم قلب نبينا يا معشر قريش أسعر الله قلوبكم ناراً. فقالوا: لسنا نكلمك إنما نكلم محمداً. فنزلت هذه الآية. وهذه القصة إنما وقعت بالمدينة فلهذا السبب قالوا إن هذه الآية مدنية.

وذكر الطبري في مسألة شفاعة الغرانيق فقال: حدثني محمد بن اسحاق عن يزيد بن زياد المدني عن محمد بن كعب القرظي. ثم سرد رواية محمد بن كعب القرظي بما يقارب رواية عبد الله بن حنطب التي نقلناها عن طبقات ابن سعد إلا أنه قال فأنزل الله عز وجل: ¤ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ¤ فأذهب الله عزّ وجلّ عن نبيه الحزن وآمنه من الذي كان يخاف ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه من ذكر آلهتهم إنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترجى بقول الله عزّ وجلّ حين ذكرت اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى: ¤ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى ¤ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ¤ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ¤ إلى قوله تعالى: ¤ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى ¤. أي فكيف تنفع شفاعة آلهتكم عنده الخ.
¤ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى ¤ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ¤ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ¤

أما محمد بن كعب القرظي - منسوب إلى بني قريظة الطائفة المعروفة من اليهود - فهو تابعي توفي سنة ثمان ومائة. جاء في تهذيب التهذيب لإبن حجر العسقلاني ما يأتي: ( وما تقدم نقله عن قتيبة من أنه وُلد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا حقيقة له وإنما الذي وُلد في عهده هو أبوه فقد ذكروا أنه من سبي قريظة ممن لم يحتلم ولم ينبت فخلوا سبيله. حكى ذلك البخاري في ترجمة محمد. قال الفخر الرازي في تفسيره الآية المتقدّمة بعد أن ذكر قصّة شفاعة الغرانيق: هذه رواية علمة المفسرين الظاهريين. أما أهل التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلة موضوعة واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول. أما القرآن فمن وجوه: 
أحدها: قوله تعالى: ¤ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ¤ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ¤ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ¤.

وثانيها: قوله تعالى: ¤ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ  ¤.

وثالثها: قوله تعالى: ¤ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ¤ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ¤. فلو أنّه قرأ عقب هذه الآية تلك الغرانيق العلى، لكان قد ظهر كذب الله تعالى في الحال. وذلك لا يقوله مسلم.

ورابعها: قوله تعالى: ¤ وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ¤. وكلمة كاد معناها قرب أن يكون الأمر كذلك مع أنه لم يحصل.

وخامسها: قوله تعالى: ¤ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ¤. وكلمة لولا تفيد انتفاء الشيء لوجود غيره فدل على أن ذلك الركون القليل لم يحصل لوجود التثبيت.

وسادسها: قوله تعالى: ¤ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ  ¤.

وسابعها: قوله تعالى: ¤ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰ ¤.

أما السنة فهي ما روي عن محمد بن اسحاق بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال هذا من وضع الزنادقة وصنف فيه كتاباً.

وقال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعون فيهم. وأيضاً فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن وليس فيها حديث الغرانيق.

روي هذا الحديث من طرق كثيرة وليس فيها البتة حديث الغرانيق. وأما المعقول فمن وجوه:

أحدها: أن من جوز على الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيم الأوثان فقد كفر لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه كان في نفي الأوثان.

وثانيها: أنه عليه السلام ما كان يمكنه في أول الأمر أن يصلي ويقرأ القرآن عند الكعبة آمناً أذى المشركين له حتى كانوا ربما مدوا أيديهم إليه وإنما كان يصلي إذا لم يحضروها ليلاً أو في أوقات خلوة وذلك يُبطل قولهم.

وثالثها: أن معاداتهم الرسول كانت أعظم من أن يقروا بهذا القدر من القراءة دون أن يقفوا على حقيقة الأمر فكيف أجمعوا على أنه عظم آلهتهم حتى خرّوا سجداً مع أنه لم يظهر عندهم موافقته لهم؟

رابعها: قوله تعالى: ¤ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ¤. وذلك لأن إحكام الآيات بإزالة ما يلقيه الشيطان عن الرسول أقوى من نسخة بهذه الآيات التي تُبقي الشبهة معها فإذا أراد الله إحكام الآيات لئلا يلتبس ما ليس بقرآن بالقرآن فبأن يمنع الشيطان من ذلك أصلاً أولى.

وخامسها: وهو أقوى الوجوه - إنا لو جوزنا ذلك ارتفع الأمان عن شرعه وجوزنا في كل واحد من الأحكام والشرائع أن يكون كذلك ويبطل قوله تعالى: ¤ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ  ¤. فإنه لا فرق في العقل بين النقصان من الوحي وبين الزيادة فيه. فبهذه الوجوه عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة وكل ما في الباب أن جمعاً من المفسرين ذكروها هنا لكنهم ما بلغوا حد التواتر وخبر الواحد لا يعارض الدلائل النقلية والعقلية المتواترة.

ثم ذكر الفخر الرازي تفصيلات أخرى فلتراجع. وإنا نعتقد أن هذه القصة باطلة ومدسوسة ومن وضع الزنادقة الذين يريدون بالإسلام سوءاً ومع هذا فليس من المعقول أن يعترف النبي صلى الله عليه وسلم بشفاعة الغرانيق وهو يدعو إلى عبادة الله تعالى ويحارب الأصنام ولو كان الشيطان له سلطان عليه صلى الله عليه وسلم بدرجة أنه يملي عليه ويحرك لسانه بالكفر لكان ألعوبة له ليس في هذه القصة فقط بل في غيرها أيضاً، والنبي معصوم من الشيطان. قال البيضاوي في تفسيره بعد ذكر قصّة الغرانيق: ( ثم نبهه جبريل فاغتنم به فعزاه الله بهذه الآية وهو مردود عند المحققين وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه )
قال اسماعيل القنوي في حاشيته: وهو مردود عند المحققين، بل يجب أن يكون مردودا عند جميع المسلمين لما عرفته من إمارات الكذب. قوله وإن صح الخ إشارة إلى منع صحته رواية لما قاله القاضي عياض في الشفاء إنه لم يوجد في شيء من الكتب المتمدة بسند صحيح. وقال: إنه من وضع الزنادقة. وقال القاضي عياض: إن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل انما أولع به المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب.

قال ابن حزم في كتاب الملل والنحل: وأما الحديث الذي فيه وأنهن الغرانيق العلا وأن شفاعتهن لترجى فكذب بحت لأنه لم يصح قط من طريق النقل ولا معنى للاشتغال به إذ وضع الكتاب لا يعجز عنه.

وقال البيهقي: رواة هذه القصة كلهم مطعون فيهم. وقال الإمام النووي نقلاً عنه وأما ما يرويه الأخباريون والمفسرون أن سبب سجود المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جرى على لسانه من الثناء على آلهتهم فباطل لا يصح منه شيء لا من جهة النقل ولا من جهة العقل لأن مدح إله غير الله كفر ولا يصح نسبة ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن يقوله الشيطان على لسانه صلى الله عليه وسلم ولا يصح تسلط الشيطان عليه وإلا لزم عدم الوثوق بالوحي.

وقال الألوسي في تفسيره: وأقبح الأقوال التي رأيناها في هذا الباب وأظهرها فساداً أنه صلى الله عليه وسلم أدخل تلك الكلمة من تلقاء نفسه حرصاً على إيمان قومه ثم رجع عنها. ويجب على قائل ذلك التوبة، كبرت كلمة خرجت من أفواههم إن يقولون إلا كذباً. وقريب منه ما قيل إنها كانت قرآناً منزلاً في وصف الملائكة عليهم السلام. فلما توهم المشركون أنه يريد عليه الصلاة والسلام مدح آلهتهم بها نسخت. وأنت تعلم أن تفسير الآية أي قوله تعالى: ¤ وَمَا أَرْسَلْنَا ¤ الخ، لا يتوقف على ثبوت أصل لهذه القصة.

أما معنى قوله تعالى: ¤ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ ¤ الخ. إن الرسل الذين أرسلهم الله تعالى، وإن عصمهم عن الخطأ مع العلم فلم يعصمهم عن جواز السهو ووسوسة الشيطان بل حالهم في جواز ذلك كحال سائر البشر. فالآية ليست بخصوص قصة الغرانيق بل هي بخصوص وسوسة الشيطان على العموم للأنبياء والرسل فالواجب ألا يتبعوا إلا فيما يفعلونه عن علم. فذلك هو المحكم.

وقال أبو مسلم معنى الآية أنه لم يرسل نبيا إلا إذا تمنى كأنه قيل وما أرسلنا إلى البشر ملكا. وما أرسلنا إليهم نبيا إلا منهم وما أرسلنا نبيا خلا عند تلاوته الوحي من وسوسة الشيطان وأن يلقي في خاطره ما يضاد الوحي ويشغله عن حفظه فيثبت الله النبي على الوحي وعلى حفظه ويعلم صواب ذلك وبطلان ما يكون من الشيطان. قال وفيما تقدم من قوله: ¤ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ¤. تقوية لهذا التأويل فكأنه تعالى أمره أن يقول للكافرين أنا نذير لكم لكني من البشر لا من الملائكة ولم يرسل الله تعالى مثلي ملكا بل أرسل رجالاً فقد يوسوس الشيطان إليهم.

فأمثال هذه القصص المدسوسة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي جلت للطاعنين في الإسلام مجالاً للنقد وتشويه الحقائق وتقبيح المحاسن، وقد حشرت في كتبنا من غير تحقيق. وهاك دليلاً آخر على كذب هذه القصة من الوجهة التاريخية وهو:

إن الهجرة الأولى إلى الحبشة كانت في رجب سنة خمس من النبوة وكانت السجدة في رمضان من السنة نفسها أي قبل إسلام حمزة وعمر لأنهما أسلما في السنة السادسة.

وقد أجمع المؤرّخون على أن المسلمين قبل اسلام عمر كانوا يستخفون في دار الأرقم ويؤدون شعائرهم الدينية في منازلهم، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدرون أن يصلوا عند الكعبة حتى أسلم عمر. فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلوا معه واتفقوا على تسنيته ( الفاروق ).

فإذا كان المسلمون قبل إسلام عمر ما كانوا يستطيعون الصلاة عند الكعبة فكيف مع هذا يقال إن رسول الله سجد عند الكعبة، وسجد معه القوم جميعاً؟ الحقيقة أن الرواية كذب واختلاق محض.

قال موير في الجزء الثاني من حياة محمد: إن حمزة وعمر أسلما في السنة السادسة من النبوة، وقال إن المسلمين لم يعودوا يخفون صلاتهم في منازلهم بل كانوا بعدئذٍ يجتمعون حول الكعبة ويصلون وهم آمنون مطمئنون.

إن المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة عادوا إلى مكّة بسبب ما بلغهم من تحسن الأحوال أو أنهم سمعوا إشاعة كاذبة تطمئنهم فقدموا في شوال سنة خمس إلا أنه لم يدخل أحد منهم إلا بجوار عثمان بن مظغون فإنه دخل بلا جوار ومكث قليلا ثم أسرع الرجوع إلى الحبشة لأن المسلمين كانوا لا يزالون يضطهدون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعيب الأصنام.

فكل هذه البراهين تؤيد أن قصة شفاعة الغرانيق أو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر آلهة قريش بخير، افتراء واختلاق ولا يمكن أن يصدق هذه القصة أحد من المؤرخين المحققين. وقد ذكرت في كتاب القرون الوسطى لجامعة كامبريدج الجزء الثاني باعتبار أنها صحيحة. وأنه صلى الله عليه وسلم ندم على ما قال ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه، واستنتج الكاتب أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يعتقد أنه إنما يتبع أمراً إلاهياً سواء عند تلفظه بهذه الكلمات أو عند عدوله عنها. لكنه علق في الهامش بما يأتي:
( إن كثيرا من المحققين المسلمين يعتبرون هذه القصة خرافية وهذا ما كان ينتظر منهم . لكن ما مالمدهش أن مؤرخاً غير متحيز مثل < كايتاني > ينكرها أيضا ).

وأنا أقول لا وجه للدهشة لأن المؤرخ الذي يقدر موقفه ولا يتحيز لأحد يعترف بالحقيقة بغض النظر عن أي اعتبار آخر فإذا كان الأستاذ كايتاني وهو ذلك المؤرخ الإيطالي الكبير الذي يصدر المؤلفات الضخمة عن تاريخ الإسلام ينكر هذه القصة فما ذلك إلا أنه لم يرد أن يثبت إلا ما وصل إليه تحقيقه في هذه المسألة دون تحيّز.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد ضا
إقرء المزيد