إبحث في المدونة

الأربعاء، 30 يناير 2019

الإسراء والمعراج سنة 621 م

Isra and Maraj year 621

الإسراء والمعراج سنة 621 م

كان الإسراء قبل الهجرة بسنة، وبه جزم ابن حزم في ليلة سبع وعشرين من شهر رجب وهو المشهور وعليه عمل الناس وكان ليلة الإثنين. وكان بعد خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف.

كان الإسراء إلى بيت المقدس والمعراج إلى السماوات، وفرضت عليه في تلك الليلة الصلوات الخمس وقد ذكر الإسراء في القرآن قال تعالى: ¤ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ¤.

واختلف في كيفية الإسراء فالأكثرون من طوائف المسلمين اتفقوا على أنه أسري بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأقلون قالوا: إنه ما أسري إلا بروحه. حكي عن محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال: ذلك رؤيا وأنه ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أسري بروحه. حُكِي هذا القول أيضاً عن عائشة رضي الله عنها وعن معاوية رضي الله عنه وحديث عائشة ليس بالثايت لأنها لم تكن حينئذٍ زوجته. قال النسفي وكان الإسراء في اليقضة. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والله ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عرج بروحه. وعن معاوية مثله، وعلى الأول الجمهور إذ لا فضيلة للحالم ولا مزيو للنائم.

واتفق الأكثرون من طوائف المسلمين على أنه أسري بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.

جاء في زاد المعاد لابن قيم الجوزية:
( وقد نقل ابن اسحاق عن عائشة ومعاوية أنهما قالا: إنما كان الإسراء بروحه ولم يفقد جسده، ونقل عن الحسن البصري نحو ذلك. ولكن ينبغي أن يعلم الفرق بين أن يقال كان الإسراء مناماً وبين أن يقال كان بروحه دون جسده وبينهما فرق عظيم. وعائشة ومعاوية لم يقولا كان كناماً وإنما قالا أسري بروحه ولم يفقد جسده وفرق بين الأمرين فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالاً مضروية للمعلوم في الصور المحسوسة فيرى كأنه عرج به الى السماء أو ذهب الى مكة أو أقطار الأرض وروحه لم تصعد ولم تذهب وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال. والذين قالوا: عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتان: طائفة قالت عرج بروحه وبدنه، وطائفة قالت عرج بروحه ولم يفقد بدنه، وهؤلاء لم يريدوا أن المعراج كان مناماً وإنما أرادوا أن الروح ذاتها أسري بها وعرج بها حقيقة وباشرت من جنس ما تباشر به بعد المفارقة، وكان حالها في ذلك كحال كحالها بعد المفارقة في صعودها الى السماوات سماء سماء حتى ينتهي بها الى الى السماء السابعة فتقف بين يدي الله سبحانه وتعالى فيأمرها بما يشاء ثم تنزل الى الأرض، فالذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أكمل مما يحصل للروح عند المفارقة. ومعلوم أن هذا الأمر يفوق ما يراه النائم ) الخ.

فالإسراء ما كان مناماً قطعاً لأنه لو كان مناماً لما كذبه المشركون فإن من الناس من يرى أنه صعد إلى السماء أو قطع مسافات شاسعة لا يتصورها العقل، وليس المنام معجزة خارقة للعادة، والروح في المنام لا تفارق الجسم كذلك لو كان الإسراء مناماً لصرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والطبري في تفسيره ينكر أن الإسراء كان بالروح فقط وقد رد على من قال بذلك فقال: ( والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى كما أخبر الله عباده، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله حمله على البراق حتى أتاه به وصلى هنالك بمن صلى من الأنبياء والرسل فأراه ما أراه من الآيات، ولا معنى لقوله من قال أسري بروحه دون جسده لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلاً عن نبوّته ولا حجة له على رسالته ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك يدفعون به على عن صدقه فيه إذ لم يكن منكراً عندهم ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أم يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل، إلى أن قال: ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجسام إلا أن يقول قائل إن معنى قولنا أسري بروحه رأى في المنام أنه أسري بجسده على البراق فيكذب حينئذٍ بمعنى الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل حمله على البراق لأن ذلك إذا كان مناماً على رأي صاحب هذا القول ولم تكن الروح عنده مما يركب الدواب ولم يحمل على البراق جسم النبي صلى الله عليه وسلم  لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على قوله حمل على البراق الا جسمه ولا شيء منه وصار الأمر عنده كبعض أحلام المائمين وذلك دفع لظاهر التنزيل وما تتابعت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت به الآثار عن الأئمة من الصحابة التابعين ).

ومما قاله الفخر الرازي في تفسيره: قال أهل التحقيق إن الذي يدل على أنه تعالى أسرى بروح محمد وجسده من مكة الى المسجد الأقصى القرآن والخبر. أما القرآن فهذه فهذه الآية. وتقرير الدليل أن العبد اسم لمجموع الجسد والروح فوجب أن يكون الإسراء حاصلا لمجموع الجسد والروح وأما الخبر فهو الحديث المروي في الصحاح وهو مشهور وهو يدل على الذهاب من مكة الى بيت المقدس، ثم منه الى السماوات.

والمعراج به صلى الله عليه وسلم الى السماوات ليطلع على عجائب الملكوت كما قال تعالى: ¤ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ¤ وإلا فالله تعالى لا يحويه زمان ولا مكان ورأى ربه تلك الليلة وأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمس صلوات وجمع له الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصلى بهم في بيت المقدس ثم استقبلوه في السماوات ورجع صلى الله عليه وسلم من ليلته الى مكة.

وقد أنكر المسيحيون إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه وليس ذلك بمستغرب منهم، انما الغريب أنهم بقيام المسيح وصعوده الى السماء، ففي آخر انجيل مرقص: ( ثم ان الرب بعدما كلمهم، ارتفع الى السماء وجلس عن يمين الله ). وجاء في آخر انجيل لوقا: ( وفيما هو "المسيح" يباركهم، انفرد عنهم وأصعد إلى السماء ).

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الأحد، 27 يناير 2019

سفر محمد رسول الله إلى الطّائف

Travel Messenger God Taif Mohamed

سَفَرُ مُحَمَّدْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الطَّائِفْ

الطّائف بلدة في الحجاز على مسافة 65 ميلاً جنوباً شرقياً من مكة، وهي مشهورة بجودة مناخها وخصب أرضها وفواكهها ولا سيما العنب والبرقوق والرمّان والخوخ وبها مياه جارية ويضرب بعنبها المثل في الحسن وريما جمد الماء فيها في الشتاء. والجبل الذي هي عليه يقال له ( غزوان ) وهي مصيف أغنياء مكّة، ومقر عبادة العزى وقد سافر اليها النبي صلى الله عليه وسلم لثلاث بقين من شوال سنة عشر من المبعث ( يناير - فبراير 620 م ) ومعه مولاه زيد بن حارثة يلتمس من ثقيف النصرة فعمد الى جماعة من أشراف ثقيف ودعاهم الى الله فقال واحد منهم: أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟ وقال الآخر: والله لا أكلمك أبداً لأنك إن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك. 

وأغروا به سفهاؤهم وعبيدهم ويرمونه بالحجارة ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط وقد أدموا رجليه فلما اطمأن ورجع عنه السفهاء قال عليه الصلاة والسلام: " اللهم أشكو إليك ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس. اللهم يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتهجّمني أو إلى عدوٍّ ملّكته أمري، إن لم يكن بك عليّ عضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع، إني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل بي سخطك لك العتبى حتى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك " وهذا الدعاء مشهور بدعاء الطائف. 

فلما رآى ابنا ربيعة عتبة وشيبة ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركت له رحمهما فدعوا له غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس. فقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل فقل له أن يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال بسم الله. فنظر عداس الى وجهه ثم قال: والله ان هذا الكلام لا يقوله أهل هذه البلدة. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك؟ قال: أنا نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟ قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أخي كان نبياً وأنا نبيّ. فأكب عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه ورجليه. 

فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا الرجل. لقد خبرني يأمر لا يعلمه إلا نبي. فقالا: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه. ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعاً الى مكة حين يئس من خير ثقيف فوجد قومه أشدّ ما كانوا عليه من خلافة وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به. 

وفي الطبري: أن بعضهم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف مريداً مكة مر به بعض أهل مكة فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: هل أنت مبلغ عني رسالة أرسلك بها؟ قال: نعم. قال: آئت الأخنس بن شريق فقل له يقول لك محمد: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالة ربي؟ قال: فأتاه فقال ذلك. فقال الأخنس: إن الحليف لا يجير على الصريح. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره. قال: تعود؟ قال: نعم. قال: آئت سهيل بن عمرو فقل له ان محمدا يقول لك: هل أنت مجيري حتى أبلغ رسالات ربي؟ قال: نعم فليدخل. فرجع اليه الرجل فأخبره. وأصبح المطعم قد لبس سلاحه وبنوه وبنو أخيه فدخلوا المسجد. فلما رآه أبو جهل قال: أمجير أم متابع. قال: قد أجرنا من أجرت. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وأقام بها، فدخل يوماً المسجد الحرام والمشركون عند الكعبة فلما رآه أبو جهل قال: هذا نبيكم يا بني عبد مناف. قال عتبة بن ربيعة: وما تنكر أن يكون منا نبي أو ملك؟ فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعه قأتاهم فقال: أما أنت يا عتبة بن ربيعة فوالله ما حميت لله و لا لرسوله ولكن حميت لأنفك. وأما أنت يا أبا جهل فوالله لا يأتي عليك غير كبير من الدهر حتى تدخلوا فيما تنكرون وأنتم كارهون.

ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بالطائف عشرة أيام، وظاهر أن الذي دعاه الى السفر هو التماس النصرة، ولكنهم خذلوه وما التمس النصرة من ثقيف الا بعد أن توفي أبو طالب وخديجة. أضف الى ذلك أن فريقاً من المسلمين هاجروا الى الحبشة، ولما عاد من الطائف لم يستطع دخول مكة إلا بجوار رجل كالمطعم بن عدي.

وفي رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف مرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين اليمن وهو يقرأ سورة (الجن) فاستمعوا له وآمنوا به، ولم يشعر بهم صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه: ¤ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ¤ وكانوا سبعة وقيل أكثر.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

وفاة خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله سنة 620 م

Death  Khadija Wife Of Rasoul Allah year 620

وفاة خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله سنة 620 م

توفيت خديجة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك. في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنين ولها خمس وستون سنة وكان مقامها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما تزوّجها أربعاً وعشرين سنة وستة أشهر ودفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون ولم تكن الصلاة على الجنائز يومئذٍ. وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها. وتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب وخديجة المصائب لأنهما كانا من أشد العضدين له المدافعين عنه فاشتدّ أذى قريش عليه حتى نثر بعضهم التراب على رأسه وطرح بعضهم عليه سلى الشاة وهو يصلي. ( السلى الجلدة التي يكون فيها الولد ) وسُمّي العام الذي مات فيه أبو طالب وخديجة ( عام الحزن ) ولم ينس رسول الله صلى الله عليه وسلم محبته لخديجة بعد وفاتها وكان دائماً يُثني عليها ولم يتزوّج عليها حتى ماتت إكراماً لها. وقد كانت مثال الزوجة الصالحة الوفية، فبذلت نفسها ومالها لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وصدّقته حين نزل عليه الوحي.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

قصة وفاة أبو طالب رضي الله عنه سنة 620 م

قصة وفاة أبو طالب رضي الله عنه سنة 620
قصة وفاة أبي طالب رضي الله عنه سنة 620 م

كان أبو طالب بن عبد المطلب من أشد الناس دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن نفسه لم تطاوعه على اعتناق الإسلام وفراق دين آبائه. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مازالت قريش كاعة عني حتى مات عمي " وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يسلم عمّه لأنه هو الذي كفله وذاد عنه إلى آخر لحظة في حياته.

ولما اشتدّ مرضه قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " يا عمّ، قلها أستحل بها لك الشفاعة يوم القيامة  ( يعني : قل الشهاة ) " فقال له أبو طالب: يا ابن أخي لولا مخافة المسبة وأن تظن قريش إنما قلتها جزعاً من الموت لقلتها فأنزل الله تعالى: ¤ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ ¤ قال الزجاج: أجمع المسلون على أنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لا اله إلا الله محمد رسول الله فأبى أن يقولها خشية أن تعيره قريش على أن الذي منعه من الإسلام هو خوف الملام والشتم وأنه فارق دين آبائه واتبع دين ابن أخيه وقد ربّاه صغيراً، فالمشهور أنه مات كافراً وكان له من الولد جعفر وعليّ وعقيل وطالب وأم هانيء واسمها فاختة وجمانة وكلهم أعقب إلا طالباً. وكان بو طالب أعرج وتُوُفِّيَ بعد النبوّة بعسر سنين وقبل الهجرة بثلاث سنين بالغاً من العمر نحو ثمانين سنة. وقالت الشيعة إن أبا طالب مات مسلماً.

وفي أسد الغابة: لما اشتدّ بأبي طالب مرضه دعا بني عبد المطّلب فقال: انكم تزالوا بخير ما سمعتم قول محمد واتبعتم أمره فاتبعوه وصدقوه ترشدوا.

ولما مات أبو طالب قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحمك الله وغفر لك لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله ". فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله: ¤ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ¤.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

السبت، 26 يناير 2019

الشاعر بن عمرو الدوسي

 Poet Ben Amr daussi

الشّاعر بن عمرو الدّوسي
شاعر يحكم عقله ويُسلِم

كانت قريش اذا سمعت بقدوم أحد العرب يقابلونه ويحذرونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصفونه بكل نقيصة خشية أن يسلم ويعود الى بلاده ويدعوهم الى الإسلام، لكن الطفيل بن عمرو الدوسي لم يعبأ بتحذيرهم بل حكم عقله وتقابل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه القرآن ففكر فيه وتذوقه لأنه شاعر فأسلم وهذه قصّته:

هو الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سلم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن نصر بن الأزد الدوسي، يلقّب ذا النُّون.

كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها فمشى اليه رجال من قريش وكان الطفيل شريفاً شاعراً لبيباً. فقالوا: يا طفيل انك قدمت بلادنا وهذا الرجل بين أظهرنا قد أعضل بنا وفرق جماعتنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبينه وبين زوجه، وانما نخشى عليك وعلى قومك فلا تكلمه ولا تسمع منه. قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت أذني كرسفاً، فرقاً أن يبلغني من قوله وأنا أريد أن لا أسمعه. قال: فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة قال: فقمت قريباً منه فأبى الله إلا أن يُسمعني قوله فسمعت كلاماً حسناً. فقلت في نفسي واثكل أمي، والله اني لرجل شاعر لبيب ما يخفى علي الحسن من القبيح  فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الذي يأتي حسناً قبلته وان كان قبيحا تركته، فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيته فأتبعه حتى اذا دخل بيته دخلت عليه فقلت: يا محمد ان قومك قالوا لي كذا وكذا ثم ان الله أبى الا أن أسمع قولك فسمعت قولاً حسناً فاعرض عليّ أمرك. فعرض عليّ الإسلام وتلى عليّ القرآن فوالله ما سمعت قولاً قط أحسن منه ولا أمراً أعدل منه فأسلمت وقلت: يا رسول الله إني امرؤ مطاع في قومي وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عوناً عليهم فيما أدعوهم إليه، فقال: اللهم اجعل له آية. قال: فخرجت إلى قومي حتى اذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت: اللهم في غير وجهي فإني أخشى أن يظنوها مثلة لفراقي دينهم فتحولت في رأس سوطي فجعل الحاضرون يتراءون ذلك النور في سوطي كالنقنديل المعلق وأنا أهبط اليهم من الثنية فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخاً كبيراً فقلت: إليك عني يا أبت فلست منك ولست مني. قال: ولم أي بني؟ قلت: إني أسلمت. قال: أي بني فديني دينك. فأسلم. ثم أتتني صاحبتي فقلت لها مثل ذلك فأسلمت. وقالت: أيخاف عليّ من ذي الشرى صنم لهم - فقلت: لا، أنا ضامن لذلك. ثم دعوت دوساً فأبطأوا عن الإسلام. فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقلت: يا رسول الله قد غلبني على دوس الربا فادع الله عليهم. فقال: اللهم اهد دوساً اليّ. ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم، قال: فرجعت فلم أزل بأرض قومي دوس أدعوهم الى الإسلام حتى هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة وقضى بدراً وأحداً والخندق ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتاً من دوس ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين. ثم لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عزّ وجلّ عليه مكة فقلت: يا رسول الله ابعثني الى ذي الكفين - صنم عمرو بن حمة - حتى أحرقه. فخرج اليه فجعل طفيل يقول وهو يحرقه وكان من خشب: 

يا ذا الكفين لست من عبادكا ....... ميلادنا أقدم من ميلادكا
إني حشوت النار في فؤادكا

ثم رجع طفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الجمعة، 25 يناير 2019

اقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة


اقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)
قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)
مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9)
إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11)
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16)
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)
وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23)
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)
أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34)
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35)
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36)
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)
لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)
وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)
فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)
أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)
وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)
هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)
وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)
وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60)
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)
فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)
قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)
قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)
قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)
قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)
فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)
قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)
وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)
آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)
قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)
الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)
إقرء المزيد

الأربعاء، 23 يناير 2019

حصار الشعب وخبر الصحيفة

Siege reef news newspaper

مقاطعة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأتباعه

لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا به أمناً وقراراً وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل الإسلام ينتشر في القبائل، إجتمعوا وائتمروا أن يكتبو كتاباً يتعاقدون فيه على بني هاشم وبين المطلب على أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يخالطوهم ولا يقبلوا منهم صلحاً أبداً ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل. أعني أنهم اتفقوا وتعاهدوا على مقاطعتهم مقاطعة تامة انتقاماً منهم لإسلامهم ودفاعهم عن رسول الله صلى الله عليه ويلم وكتبوا بذلك صحيفة توكيداً لأنفسهم وعلّقوها في جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع من النبوة ( 617 م ).

وكانت الصحيفة مكتوبة بخط بغيض ابن عامر بن هاشم فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده. وانحاز بنو المطلب بن عبد مناف إلى أبي طالب في شعبه من بني هاشم وخرج أبو لهب إلى قريش فظاهرهم على بني هاشم وبني المطلب وقطعوا عنهم الميرة والمادة فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغوا الجهد وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب. فمن قريش من سرّه ذلك ومنهم من ساءه وقال: انظروا ما أصاب بغيض بن عامر فأقاموا في الشعب ثلاث سنين حتى أنفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله وأنفق أبو طالب ماله وأنفقت خديجة مالها وصاروا إلى حد الضر والفاقة. ثم أطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم وأن الأرضة قد أكلت ما كان فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب فذكر أبو طالب لإخوته وخرجوا الى المسجد.

فقال أبو طالب لكفار قريش إن ابن أخي قد أخبرني - ولم يكن يكذبني - قط أن الله قد سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم وبقي ما كان فيها من ذكر الله فإن كان ابن أخي صادقاً نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذباً دفعته اليكم فقتلتموه أو استحييتموه. قالوا: قد أنصفتنا فأرسلوا إلى الصحيفة ففتحوها فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقط في أيديهم ونكسوا على رؤوسهم. فقال أبو طالب: علام نحبس ونحصر وقد بان الأمر، ثم دخل هو وأصحابه بين أستار الكعبة والكعبة فقال: اللهم انصرنا ممن ظلمنا وقطع أرحامنا واستحل ما يحرم الله منا ثم انصرفوا الى الشعب.

وتلاوم رجال من قريش على ما صنعوا ببني هاشم وكان فيهم مطعم بن عدي وعدي بن قيس وزمعة بن الأسود وأبو البختي بن هشام وزهير بن أبي أمية فلبسوا السلاح ثم خرجوا الى بني هاشم وبني المطلب فأمروهم بالخروج إلى مساكنهم ففعلوا. فلما رأت قريش ذلك سقط في أيديهم وعرفوا أن لن يسلموهم وكان خروجهم من الشعب في السنة العاشرة.

وفي سيرة ابن هشام أنهم أقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثاً حتى جهدوا لا يصل اليهم شيء إلا سرّاً مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش. وقد كان أبو جهل بن هشام فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمّته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه في الشعب فتعلّق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري وقال طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلّ سبيل الرجل. فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه. فأخذ له أبو البختري لحى بعير فضربه به فجشّه ووطئه وطئاً شديداً وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم، ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلا ونهاراً وسراً وجهاراً مبادياً بأمر الله لا يتقي فيه أحداً من الناس. 

هذا ومن المدهش أن مرجوليوث يقول: إن أبا جهل كان مشهوراً بالعقل والذكاء، وهل تدري لماذا أيها القاريء؟ لأنه كان معادياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لأن أعماله وصفاته التي ذكرناها لا تدل على أنه كان عاقلا ذكياً.

إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو العرب إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم. كان يدعو إلى عبادة الله الواحد، وإلى نبذ عبادة الحجارة. ومعنى ذلك أنه كان يعمل على انتشالهم من الإنحطاط الديني الذي كانوا غارقين فيه ورفعهم إلى أعلى المراتب وأسمى العقائد. وعدا ذلك لقد كان عليه الصلاة والسلام يهذّبهم ويعلّمهم مكارم الأخلاق ويبث في نفوسهم الآداب الإجتماعية العالية، فهل يقال عن رجل اتصف بشدّة عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه عاقل! ثم ان مرجوليوث يظهر حنقه على من أسلموا ولا سيما إذا  كانوا من الأبطال الأشدّاء فيرميهم بأوصاف ذميمة منفّرة!!.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد