إبحث في المدونة

الجمعة، 11 يناير 2019

الضّرب والشّتم حيلة الجهّال المتعصّبين

Beatings tricks cursing ignorance nervousness

الضّرب والشّتم
حيلة الجهال المتعصّبين

إنّ كفار قريش، لم يفكروا في مناقشة ما يسمعون من الآيات القرآنية التي كان يتلوها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل كانوا يتهمونه بالكذب تارة أو بالجنون أو بالسّحر ويضربون من يجهر بالقرآن، وهذا سلاح الضعيف الجاهل. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعيب آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ويقول: إنها أصنام صنعتموها بأيديكم وهي لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر. فاتركوها واعبدوا الله خالق السماوات والأرض ويعدد لهم صفاته وقدرته جلّ شأنه، فلولا رسوخ العقيدة الباطلة في نفوسهم، والعقائد الباطلة في نفوسهم، والعقائد الباطلة القديمة، تشل عقل معتنقيها، نقول لو لا رسوخ العقيدة، لحكموا عقولهم وبادروا الى الإيمان بالله. لكن عزّ عليهم أن يأتي رجل منهم ويتهمهم بالكفر والضلال ويعيب تلك الآلهة القديمة التي وجدوا آباءهم وأجدادهم يسجدون لها ويقدمون لها الذبائح والهدايا. فالتجأوا إلى الضرب والشتم وهذا شأن كل جاهل متعصّب. ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة فاتحاً وأمر بهدم تلك الأصنام التي كانوا يعتقدون أنها مقدّسة لا يقدر أحد على إيصال الأدى إليها، وهدمت بالفعل ووجد أن لا حول لها ولا قوة وقتل من كان فيها من المشعوذين، أيقنوا أنهم كانوا في ضلال مبين فقال الرسول: ¤ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ¤. فاللهمّ طهّر قلوبنا من الشّرك أمتنا مسلمين.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الخميس، 10 يناير 2019

عبد الله بن مسعود أوّل من جهر بالقرآن

Abdullah bin Masood first announced the Koran

كان أوّل من جهر بالقرآن بمكّة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط. فمن رجل يسمعهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: "أنا"، فقالوا: إنا نخشاهم عليه إنما نريد رجلا له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه. فقال: دعوني؛ فإن الله سيمنعني، فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى  وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام. فقال رافعا صوته: ¤ بسم الله الرحمن الرحيم ¤ الرَّحْمَنُ ¤ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ¤. فاستقبلها فقرأ بها فتأمّلوا. فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض بعض ما جاء به محمد. فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه. وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ. ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه. فقالوا: هذا الذي خشينا عليك. فقال: ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدا. قالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.

وقيل: إن أبا جهل لطمه فشق أذنه وأدماه فانصرف وعينه تدمع فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام رق قلبه وأطرق رأسه مغموما. فإذا جبريل عليه السلام يجيء ضاحكا مستبشراً فقال: " يا جبريل تضحك وابن مسعود يبكي"؟ فقال: ستعلم، فلما ظفر المسلمون يوم بدر التمس ابن مسعود أن يكون له حظ في الجهاد فقال عليه السلام: خذ رمحك والتمس في الجرحى من كان به رمق فاقتله فإنك تنال ثواب المجاهدين. فأخذ يطالع القتلى فإذا أبو جهل مصروع يخور، فخاف أن تكون به قوّة فيؤذيه فوضع الرّمح من بعيد على منخره فطعنه.
إقرء المزيد

إظهار الإسلام سنة 213 ميلادية

Show-islam-year-213

أمر الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاءه منه، وأن يدعو الناس إليه ويأمرهم به. وكان بين إخفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره واستتاره به وبين أمر الله تعالى إياه بإظهار دينه ثلاث سنين من بعثه، ثم قال الله تعالى: ¤ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ¤. أي لا تبال بهم ولا تلتفت إلى لومهم إياك على إظهار الدعوة. وقال تعالى: ¤ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ¤ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ  ¤. فصعد رسول الله على الصفا، فقال: " يا معشر قريش. فقالت محمد على الصفا يهتف. فأقبلوا واجتمعوا، فقالوا: مالك يا محمد؟ قال: " أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل أكنتم صدّقتموني "؟. قالوا: نعم أنت عندنا غير متهم وما جرّبنا عليك كذباً قط. قال: " فإني نذير لكم بين يديّ عذاب شديد. يا بني عبد المطّلب، يا بني عبد مناف، يا بني زهرة - حتى عدد الأفخاذ من قريش - إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيباً إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله. فقال أبو لهب: تبّاً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: ¤ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ¤. السورة كلها. فلما سمع أبو لهب قوله: ¤ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ¤. إن كان ما يقول محمد حقا افتديت منه بمالي وولدي فنزل: ¤ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ¤. وكان أبو لهب إذا سأله وفد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه ساحر ومجنون لينصرفوا عنه قبل لقائه. وقد أغضبت هذه السورة أبا لهب فأظهر شدة العداوة وصار متهماً فلم يقبل قوله في رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه خاب سعيه وبطل غرضه. وروي عن طارق المحاربي أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق بقول: " أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا "، ورجل خلفه يرميه بالحجارة وقد أدمى عقبيه. ويقول: لا تطيعوه فإنه كذّاب، فقلت من هذا؟ قالوا: محمد وعمّه أبو لهب. أما امرأته فهي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان بن حرب عمّة معاوية فكانت أيضا في غاية العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وترمي الشّوك في طريقه.

وعن الزّهري أنه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام سرا وجهرا فاستجاب لله من شاء من أحداث الرجال وضعفاء الناس حتى كثر من آمن به وكفار قريش غير منكرين لما يقول. فكان إذا مرّ عليهم في مجالسهم يشيرون إليه أنه غلام بني عبد المطلب يكلم من السماء فكان ذلك حتى عاب آلهتهم التي يعبدونها وذكر هلاك آبائهم الذين ماتوا على الكفر فشنقوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك وعادوه.

وعن ابن عتبة أنه قال: لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ومن معه وفشا أمره بمكة ودعا بعضهم بعضاً فكان أبو بكر يدعو ناحية سراً. وكان سعيد بن زيد مثل ذلك، وكان عثمان مثل ذلك، وكان عمر وحمزة بن عبد المطلب وأبو عبيدة بن الجراح يدعون علانية، فغضبت قريش من ذلك وظهر منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحسد والبغي وأشخص به منهم رجال فبادوه وتستر آخرون وهم على ذلك الرأي إلا أنهم ينزهون أنفسهم عن القيام والإشخاص برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أهل العداوة والمباداة لرسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين يطلبون الخصومة والجدل: أبو جهل بن هشام وأبو لهب بن عبد المطّلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن قيس بن عدي وهو ابن الغليظة، والوليد بن المغيرة وأبي بن خلف، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والعاص بن وائل، والنضر بن الحارث ومنبه بن الحجاج وزهير بن أبي امية والسائب بن صيفي بن عابد، والأسود بن عبد الأسد، والعاص بن سعيد بن العاص، والعاص بن هاشم، وعقبة بن أبي معيط، وأبو الأصدي الأذلي، والحكم بن أبي العاص وعدي بن الحمراء. وذلك أنهم كانوا جيرانهم. والذين كانت عدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أبو جهل وأبو لهب وعقبة بن أبي معيط. وكان عتبة وشيبة إبنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب أهل عداوة ولكنهم لم يشخصوا بالنبي صلى الله عليه وسلم نحو قريش ولم يسلم منهم أحد إلا أبو سفيان.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الأربعاء، 9 يناير 2019

الصدق و قوة الإيمان وشجاعة أبو بكر الصديق رضي الله عنه

Honesty-strength-faith-courage-Abu-Bakr

عبادة الأصنام مع أنها واضحة البطلان فإن العرب كانوا متمسكين بها تمسكا شديدا لرسوخها في نفوسهم منذ زمن طويل فلا يطيقون سماع من يعيبها أو يطعن فيها بل لا يقبلون إرشاد ناصح يخاطبهم بالحسنى. ويناقشهم بالعقل والبرهان. فإذا قيل لهم كيف تعبدون الحجارة التي لا تنفع ولا تضر، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تعلم من يعبدها ومن لا يعبدها، ثارت ثائرتهم. وقالوا: هذا ما وجدنا عليه آباءنا واعتدوا على أعزّ الناس لديهم وأشرفهم وأعقلهم وأسهلهم أخلاقاً. فلم يكن من الحكمة وأصالة الرأي أن يجهر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه القليلون بالإسلام ويؤدوا شعائرهم الدينية أمام أمّة بأسرها متعصبة لدينها الوثني تعصّبا أعمى.

وقد أدرك بعض أفراد بعقلهم الثاقب وفطرتهم السليمة أن قومهم في خطأ مبين فمنهم من مات ةهو منكر لعبادة الأصنام قبل الإسلام. ومنهم من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بلغته رسالته كسلمان الفارسي أو عنما دعا رسول الله إلى اتباع الدين القويم كأبي بكر، ومن أسلم بدعائه وغيرهم ولم يبالوا بما يصيبهم من سخط قومهم وإيذائهم مع ما يعلمونه من قلة عدد المؤمنين في باديء الأمر.

فمما وقع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه من الأذية ما ذكره بعضهم كما في السيرة الحلبية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل دار الأرقم ليعبد الله هو ومن معه من أصجابه سِرّاً ألحّ أبو بكر رضي الله عنه في الظهور فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر إنا قليل ". فلم يزل به حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم وقام أبو بكر في الناس خطيباً ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ودعا إلى رسول الله. فهو أول خطيب دعا إلى الله تعالى، فثار المشركون على أبي بكر رضي الله عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضرباً مبرّحاً، ووطىء أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديداً. وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين وحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه فجاءت بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكون في موته. ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة. ثم رجعوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار. ثم تكلم وقال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعذلوه وصار يكرر ذلك، فقالت أمه: والله ما لي علم بصاحبك. فقال: إذهبي إلى أم جميل فاسأليها عنه فخرجت إليها وقالت لها أن تسأل عن محمد بن عبد الله. فقالت: لا أعرف محمدا ولا أبا بكرا. ثم قالت: تريدين أن أخرج معك؟ قالت: نعم. فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعا فصاحت وقالت: إن قوما نالوا هذا منك لأهلُ فسق. وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم. فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت له: هذه أمّك تسمع. قال: فلا عين عليك منها: أي أنها لا تفشي سرّك. قالت: سالم هو في دار الأرقم. فقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت له أمّه فأمهلناه حتى إذ هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا يتكيء عليَّ حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرقّ له رقّة شديدة وأكب عليه يقبله وأكب عليه المسلمون كذلك. فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول اللهما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي برة بولدها فعسى الله أن يستنقذها بك من النار، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت.

لا شك أن المسلمين في ذلك الوقت كانوا في خطر شديد. فقد كان لا يهدأ للمشركين بال إلا إذا أساءوا إليهم ولذلك كان الإستخفاء في غاية الحكمة. وبقي المسلمون ميتخفين في دار الأرقم حتى كملوا أربعين رجلا، وكان آخرهم إسلاما عمر بن الخطّاب. فلما كملوا به أربعين خرجوا وأظهروا إسلامهم.

تلك شجاعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقوة إيمانه وصدق يقينه. لقد وقف أمام المشركين وجهاً لوجه ولم يبال بكثرتهم وعرّض حياته الغالية للخطر ليدعوهم إلى الحق، إلى عبادة الله الواحد القهّار ونبذ الشرك وخلع الوثنية فأصيب بشر ما يصاب به إنسان وكاد يُقضَى عليه، فلما أفاق كان أول ما تلفظ به السؤال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم ترتح نفسه وتطمئن حتى رآه بعينيه سالما معافى. فأين هذا من الذين يخالفون عقائدهم ويميلون مع الأهواء وينضمون إلى من يأنسون فيه القوة ويعينون على الباطل لمتاع مؤقت لا يلبث أن يزول؟

لو كان المسلمون في باديء أمرهم متهاونين مذبذبين لما ثبتت دعائم الإسلام وصار قويّ الأركان، متين البنيان، بل لقُبِر في مهده، لكنه ارتفع على كواهل رجال أقوياء صادقين أدهشوا العالم بأعمالهم وجهادهم، حتى خضعت لهم أمم الأرض! فبمثل عمل هؤلاء فليهتد المصلحون.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا.
إقرء المزيد

الرد على مستر مرجوليوث

replay-to-Mr-Margolious


قدمنا أن عثمان بن عفان قد أسلم إجابة لدعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لكن الأستاذ مرجوليوث Margolious في كتابه محمد يزعم أن سبب إسلامه أنه كان يحب رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ويريد أن يتزوجها. فلما بلغه أنها خطبت لغيره حزن وأخبر أبا بكر بما بلغه وصادف مرور الرسول صلى الله عليه وسلم فأسرّ أبو بكر كلمات في أذن الرسول وبذلك انتهى الأمر وأسلم عثمان وتزوج رقية. ولم يذكر لنا مستر مرجوليوث المصدر الذي استقى منه هذا الخبر حتى نناقشه ونفنده فما كل رواية يؤخذ بها ويعوّل عليها. ثم يعرض بعد ذلك إلى خالد بن سعيد وسبب إسلامه. فقد كان خالد من السابقين إلى الإسلام فكان ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا في الإسلام. وسبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار فذكر من سعتها مالله أعلم به وكأنّ أباه يدفعه فيها ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بحِقَويه لا يقع فيها ففزع من نومه وقال: أحلف إنها لرؤيا حق ولقي أبا بكر رضي الله عنه فذكر ذلك له. فقال أبو بكر: أريد بك خيراً، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه فإنك ستتبعه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار وأبوك واقع فيها فلقي سول الله صلى اللع عليه وسلم وهو بأجياد فقال: يا محمد إلى من تدعو؟ قال: أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله. فسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه. وبعد أن ذكر مرجوليوث رؤيا خالد باختصار وتعبير أبي بكر لها وأن هذه الرؤيا كانت سبب إسلام خالد بن سعيد، تساءل، هل الناس حقيقة يحلمون هكذا؟ لكنه قال: " إن فلاماريون وميرز ( Flammarion and Myers ) يجيبان نعم إنهم يرون مثل ذلك " وهما من العلماء المشهورين. والمدهش أن الأستاذ مرجوليوث لا يعلم أن الناس يرون أحلاما هكذا مع إقرار علماء النفس في أوروبا وأمريكا بذلك. والأحلام على العموم شائعة بين الناس وليست رؤية خالد من الأحلام المستغربة حتى يشك فيها مثل مرجوليوث. أما إذا كان الشك لغرض فهذا أمر آخر.

إن الناس يرون أحلاما يتحقق بعضها وبعضها يحتاج إلى تأويل. ويستبعد جدّاً أن يقص انسان حلماً مختلقاً وليس للأحلام حدود أو ضوابط حتى يقال: إن هذا حلم وهذا ليس بحلم. فلا محل لتحكم مستر مارجوليوث واستنكاره رؤية خالد بن سعيد للنار. وهذا يوسف عليه السلام ورؤياه التي قصها على أبيه فقد تحققت بعد أربعين عاماً وما رآه الفتيان اللذان كانا معه في السجن مما ورد ذكره في القرآن فقد عبَّر يوسف عليه السلام رؤياهما وتحققت حسب تعبيره، إذ عاد أحدهما إلى مركزه السابق لدى الملك وأعدم الآخر. إلا أن مستر مرجوليوث غرضه التهم على الإسلام لا استنكار الأحلام. وهذا لا يليق بمستشرقٍ مثله.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا
إقرء المزيد

الثلاثاء، 8 يناير 2019

دعوة الناس إلى الإسلام سرا

Hidden-Invitation-to-Islam

بعد أن نزلت سورة (المدثّر) أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله تعالى وتتابع الوحي. ونزول هذه السورة ابتداءُ رسالته صلى الله عليه وسلم فهي متأخرة عن نبوته، وصار عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى الإسلام سرا ( خفية ) ثلاث سنين لعدم الأمر بالإظهار إلى أن أمر بإظهار الدعوة وكان من أسلم إذا أراد الصلاة ذهب إلى بعض الشعاب ليستخفي بصلاته من المشركين حتى اطلع نفر من المشركين على سعد بن أبي وقاص وهو في نفر من المسلمين يصلون في بعض الشعاب فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون وقاتلوهم فضرب سعد رجلا منهم فشجّه وهو أول دم أهريق في الإسلام. فعند ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه دار الأرقم مستخفين بصلاتهم وعبادتهم إلى أن أمره الله تعالى بإظهار الدِّين. ودار الأرقم هي دار للأرقم بن أبي الأرقم من السابقين في الإسلام وهي في أصل الصفا.

وقد أسلم من الصحابة بدعاء أبي بكر: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا وهنا يجب أن نذكر شيئاً عنهم لرفعة شأنهم:

  1. فعثمان بن عفان هو الخليفة الثالث. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ويقال له ذو النورين لأنه تزوّج بتني الرسول صلى الله عليه وسلم رقية ثم أم كلثوم بعد وفاة رقية. ولد في السنة الثالثة بعد الفيل وقتل شهيداً يوم الجمعة لثمان عشرة خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن 82 سنة وكانت خلافته ثنتي عشرة سنة. وفي زمنه كانت غزوة الإسكندرية ثم سابور ثم افريقية ثم قبرس واصطخر الآخرة وفارس الأولى ثم خور وفارس الآخرة ثم طبرستان ودارا بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساودة في البحر وغيرهن ثم مرو. وكان رضي الله عنه حسن الوجه رقيق البشرة كث اللحية أسمر كثير الشعر بين الطول والقصير وكان محبّباً من قريش.
  2. الزبير بن العوام أمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ابن عنة الرسول صلى الله عليه وسلم وابن أخي خديجة بنت خويلد زوجة النبي وكان مره حين أسلم اثنتي عشرة سنة، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة في أحدهم: عثمان وعليّ وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمان بن عوف. هاجر الزبير إلى الحبشة ثم إلى المدينة وهو أول من سلّ سيفا في سبيل الله. شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر وفتح مكة وحصار الطائف والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشهد اليرموك وفتح مصر. وكان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. وكان الزبير يوم الجمل قد ترك القتال وانصرف فلحقه جماعة من الغوغاء فقتلوه بوادي السباع بناحية البصرة وقبره هناك، قتل في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين وكان عمره حينئذٍ سبعا وستين وقيل ستا وستين سنة.
  3. عبد الرحمان بن عوف ولد بعد الفيل بعشر سنين قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وأحد الستة الذين هم أهل الشورى الذين أوصى اليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالخلافة. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله بدرًا وأحداً والخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد. وجُرِح يوم أُحُد أحدى وعشرين جراحة وجرح في رجله وسقطت وسقطت ثنيتاه. وكان كثير الإنفاق في سبيل الله. أعتق في يوم واحداً وثلاثين عبداً. وكان كثير المال محظوظاً في التجارة، غنيّاً. وكان أبيض مشرباّ بحمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة أعين أهدب الأشفار أقنى له جمة ضخم الكفين غليظ الأصابع لا تغير بشعره. توفي سنة ثنتين وثلاثين وهو ابن ثنتين وسبعين ودُفن بالبقيع.
  4. سعد بن أبي وقاص - وكان عمره حين أسلم تسع عشرة سنة وهو أحد العشرة وأحد الستة أصحاب الشورى وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماً في سبيل الله هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها. شهد مع رسول الله بدراً وأُحُداً والخندق وسائر المشاهد وكان يقال له فارس الإسلام. وأبلى يوم أحد بلاءً شديداً وكان مجاب الدعوة. استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي بعثها إلى بلاد فارس، وكان أمير الجيش الذي هزم الفرس بالقادسية وبجلولاء وغنمهم وفتح مدائن كسرى وبنى الكوفة وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه العراق. ورمى سعد يوم أحد ألف سهم. ولما قتل عثمان رضي الله عنه اعتزل سعد الفتن فلم يقاتل في شيء من تلك الحروب. توفّي سنة خمس وخمسين بقصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة ودفن بالبقيع وكان آدم طوالاً ذا همة.
هذا جزء يسير من تراجم الخمسة الذين أسلموا بدعاء أبي بكر، وهم من الرجال الذين ذاع صيتهم في الإسلام لما قاموا به من جلائل الأعمال، وقد أسلم بعد هؤلاء: أبو عبيدة الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظغون وأخواه قادمة وعبد الله بن مظغون وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي صغيرة وخباب بن الأرتّ حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود ومسعود بن القاري وهو مسعود بن ربيعة وسليط بن عمر وأخوه حاطب بن عمر وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة، وامرأته أسماء بنت سلامة وخنيس بن حذافة بن قيس وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد بن جحش وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عُمَيس  وحاطب بن الحارث وغيرهم.

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا

إقرء المزيد

قصة إسلام زيد بن حارثة

story of Islam Zaid bin Haritha

زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزي. ويقع في نسبه خلاف وتغيير وزيادة ونقص وهو أشهر موالي رسول الله. ويقال له: حب رسول الله وهبته خديجة رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه وذلك أن أباه قد وجد ( حزن ) لفقده وجداً شديداً وكان قد أخذ في السبي. فلما علم أبوه أنه بمكة قدمها ليفديه فدخل حارثة وأخوه كعب على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه! جئناك في ابننا عندك فاكنن علينا وأحسن علينا في فدائه. فقال: " من هو"؟ قالا: زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فهلا غير ذلك "؟ قالا: ما هو؟ قال: " ادعوه وخيروه فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً ". قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " هل تعرف هؤلاء "؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي. قال: " فأنا من قد عرفت ورأيت صحبتي فاخترني أو اخترهما ". قال: ما أريدهما وما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك؟ قال: نعم. ورأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: " يا من حضر اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه ". فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا.

وهاجر زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وشهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية وخيبر وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المؤمنين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين وزوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته أم أيمن فولدت له أسامة، وتزوج زينب بنت جحش أم المؤمنين ثم طلقها ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ¤ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ¤ إلى قوله تعالى: ¤ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا ¤ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها - يعني زينب - قالوا: إنه تزوّج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى: ¤ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ¤ وكان زيد يقال له زيد بن محمد فأنزل الله تعالى : ¤ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ¤.

قال العلماء: ولم يذكر الله عزّ وجلّ في القرآن باسمه العلم من أصحاب نبينا وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم إلا زيداً في قوله تعالى: ¤ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ¤.

وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة، وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم أخيرا أميراً على الجيش في غزوة مؤتة فقاتل فيها حتى قُتل وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان زيد أبيض أحمر وكان إبنه أسامة آدم شديد الأدمة ( أي أسمر ). 

المصدر: كتاب رسول الله
المؤلف: محمد رضا 
إقرء المزيد